جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
ماهر محمدنصوص

هي لم تعد تلك الفتاة

 

ماهر محمد

"هي لم تعد تلك الفتاة.."




تريدُ الشمسُ كأيّ فتاةٍ أن تتسامر معك..

تكتُمين ضحكتك براحتيّ يديك

كي لا يتفطنّ عليكما أحدٌ ما

كوردةٍ أو نهر أو شجرة حين تُخبرك بنكتةٍ ما..

أن تهمس لك في أُذنك،

وترى انعكاس وجهها الدافئ على الأقراط..

أن تتبادل معك ككل الفتيات أسرارهنّ ومغامرتهنّ..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

يريدُ القمرُ كأيّ مراهقٍ

أن يستعير من شعرك سواد ليله المُضطّرب..

وربطات الشعر والبُكل ليثّبت بها النجوم من حوله على لوح الكون..

أن يصطاد بصنّارة الجاذبية تلك الضفائر

ككلّ ليلةٍ ليتأرجح..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

يريدُ الفجر،

كأيّ طالبٍ في يوم امتحانٍ أن يحتسي المنبهات

أن يتناول حبوب الفيتامينات والأدوية المُحّفزة على التركيز..

أن يحرسك جيداً كملاكٍ كما الأمُ حين تسهرُ

على ابنتها حين تُداهمها الحُمّى كخبرٍ عاجل..

أن يبقى يقظاً حتى الصباح..

وحين تستيقظين،

تجدين في عينيه بُحيرتان من الحمم البركانية

وأسفلهما سلسلة جبالٍ من التجاعيد

ومستنقعات من البقع الداكنة..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

يريد ذلك الشارع كأيّ رجلٍ شهمٍ ومُرهف الإحساس

أن يسير معك كعاشقين على الكورنيش

يبتاع لك غزل البنات والآيس كريم..

يحسب النبضات في كل نفسٍ وخطوة..

يحميك من فتيان الحيّ

حتى تصلي لمكانك المقصود

وحتماً لن ينسى ذلك الصوت وأنت تُدندنين في خُلدك :

"والشارع غريق، تجي هاك البنت من بيتها العتيق"

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

تريد تلك الشرفة في الصباح،

أن تحّضر لك وجبة الإفطار وكأساً من الحليب..

أن تحمل على ظهرها العصافير،

وكقائد أوركسترا تعطي إشارة البدء

لتغدو الزقزقة كساعة منبّه

وتوقظك من النوم بالنعومة التي تُشبهك..

أن تبلّل وجهك برسائل النسمات القادمة من بريد السماء

وأنت في وضعية التثاؤب..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

تريد تلك النافذة

أن تقوم بدور الطبيب..

أن تحمل سمّاعةً وتراقب بصمت

ارتطام أنفاسك بالزجاج..

أن تقوم بدور مخبرٍ جنائي..

تأخذ بصمات الشهيق والزفير

من على جسد البلور

لتكشف عن خيوط أجمل جريمة عشقٍ أُرتكبت في حقّها..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

يريد ذلك الفستان أن يكبر،

أن يتّسع لجسدك..

أن يستخدم حق الفيتو ضدّك

ويمارس حقّه الشرعي في التباهي بين أقرانه الفساتين..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

تريد تلك الحقيبة

أن يُعاد تدويرها حقاً،

من حقيبةٍ بلاستيكية تحمل صورةً لباربي

إلى حقيبةٍ جلديةٍ فاخرة

لها سراديب وأنفاق

كي تتّسع لكل أدوات التجميل

واللاتي يتزيّن بك..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

يريد ذلك العطر

أن يبقى مُمدداً مدى العمر على رقبتك بالتحديد..

عند تلك الشّامة

قبل أن يفقد رونقه وأنت تُفسدين عليه المفاجأة

حين تمتّصه خلايا جلدك الفتّاك..

سيختلّ توازنه ويظلّ منتشياً من الهزيمة..

لن تبقى له رائحة

ولن يبقى له أيّ أثر..

سيفقدُ العطرُ عطره معك ويضيع فيك..

لكنك ترفضين..

ويحق لك ذلك..

هي لم تعد تلك الفتاة..

 هي الآن امرأة ناضجة..

ولم تعد ترفض شيئاً ممّا ذُكر

حين أصبحت له وحده..

وحده الشخص الذي أصبح لها

شمساً

وقمراً

وفجراً

وشارعاً

وشرفةً

ونافذةً

وفستاناً

وحقيبةً

وعطراً

دون أن يدري..

مع ذلك..

وبكل تأكيد

لم يكن ليرفض..

ولا يحق له ذلك..

ماهر محمد


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *