محمد سامر الشيخ طه
قصة طفلٍ رجل
كرمو رجلٌ في العاشرة من عمره! ، هو طفلٌ يتساوى مع الرجال، فليست الرجال
أشكال وأقوال، وإنما هي أحوالٌ وأفعال، وليس بالضرورة أن يكون الرجل من الكبار بل
ربما يكون من الصغار، فليست المسألة بالأعمار ولكن بالإعمار
* كرمو يبيع الفواكه والخضار على
باب الجامع فيأتي في ضحوة النهار و يظل
حتى ما بعد صلاة العشاء ليذهب إلى الدار
*كرمويساعد أهله في تأمين حاجياتهم مع موجة غلاء الأسعار كي يخفِّف عنهم ما
لحق بهم من الأضرار
* لكرمو طريقة محبَّبة في البيع فهو يستجلب الزبائن بأسلوبٍ لطيفٍ،
فهو وديعٌ في تعامله ، سمحٌ في بيعه ،
وظلُّه خفيف، وله نظرة في زبائنه فهو يتفرَّس في وجه سائله قبل أن يعطيه سعر
السىلعة فلكل زبون طريقة في البيع وهو يترك مجالاً للأخذ والرد إلى أن يتم البيع
يحبه زبائنه ويمازحونه وهو يبتسم ولا يتذمَّر وإذا جاروا عليه في المزاح لا
يتكدَّر
* كرمو لايلهو وعن عمله لا يسهو وإذا حصل ولهى قليلاً ، عاد إلى عمله بسرعة
بعض الأطفال يلعبون كرة القدم أمام باب الجامع فيستدير ويدير ظهره لبضاعته
من أجل متابعة الأطفال وهم يلعبون وأحياناً يشاركهم اللعب فعينٌ على الكرة وعين
على بضاعته فإذا ما أتى زبون ترك اللعب وعاد مسرعاً للغاية الأهم
* إذا عطش كرمو دخل المسجد وشرب الماء
وإذا جاع فمن بضاعته الغذاء فتراه أحياناً يأكل تفاحةً وأحياناً برتقالةً
وتارةً يأكل الخس والفجل وأحياناً الرمان وأحياناً البصل
* يكثر البيع عند كرموأثناء خروج المصلين من صلوات الجماعةوهو يستطيع
بحنكةٍ وحرفِّيةٍ أن يتابع جميع الزبائن بذهنٍ
صافٍ ورؤيةٍ ثاقبة فهو يستطيع أن يبيع أربعة وأو خمسة أشخاص في وقتٍ واحدٍ
ويردُّ على كلِّ من يسأله ويحسب الأسعار بدقةٍ وبدون ٱلةٍ حاسبة فهو لا يملك لا ٱلة
حاسبة ولا جوَّال
* في ٱخر اليوم وبعد خروج المضلين من صلاة العشاء يكسر كرمو الأسعار فيبيع
بأسعارٍ مخفَّضة ليتخلَّص من أكبر قدرٍ من
بضاعته فتكثر زبائنه فهم زبائن آخر السوق
والكل ينادي باسم كرمو وكرمو يتابع الجميع
ويحسب الأثمان للجميع وأحياناً يبيع بنصف السعر لكي لا تكسد بضاعته للغد
ثم يحين موعد مجيء والده على دراجة نارية ذات ثلاث عجلات ليأخذه مع ما
تبقَّى من بضاعته ليغادر وهو مستعدٌ ليوم عملٍ جديد في الغد
المهندس
: سامر الشيخ طه