دموع صانع البهجة ورسالته الأخيرة لوزير الثقافة.
دموع صانع البهجة ورسالته الأخيرة لوزير الثقافة.
***
خطاب مفتوح
كتبه «إسماعيل يس» إلى وزير الثقافة عام 1966يشكو فيه من تضاؤل أعماله الفنية فى
المسرح والسينما وقلة حيلته وهوانه على شركات الإنتاج.
كانت الدولة فى تلك الفترة مسؤولة عن الإنتاج
السينمائى والمسرحى، ورغم ذلك فإن القطاع
الخاص كان لايزال أيضاً قائماً إلا أن ملك الكوميديا «إسماعيل يس» كان خارج أجندة
منتجى القطاع الخاص بنفس القدر الذى وجد نفسه خارج أجندة الدولة.
***
أفلام
«إسماعيل يس»، التى قدمها مع بداية حقبةالستينيات من القرن الماضي لم تعد تدر
أرباحاً على منتجيها، فى نفس الوقت ظهر جيل آخر من نجوم الكوميديا كانوا يعبرون عن
روح الشباب «فؤاد المهندس»، «عبدالمنعم
مدبولى»، «محمد عوض»، «أمين الهنيدى»، «أبوبكر عزت» وغيرهم.
فكانت الناس تضحك أكثر مع هؤلاء، وأضطر «إسماعيل
يس» إلى إغلاق المسرح، الذى كان يحمل أسمه، لأن شباك التذاكر كان يشير يومياً إلى
أن المقاعد خاوية.. ولهذا إستجاب «إسماعيل يس»، عملاً بنصيحة أصدقائه إلى أن يجمع
ما تبقى له من تحويشة العمر ويسافر فى رحلة للعالم العربى مصطحباً معه فرقته
المسرحية.. ولم يدرك أن الأفول عدوى سريعة الإنتشار إنتقلت من مصر للدول العربية،
وضاع ما تبقى من أمواله ولم يجد سوى أن يعود مرة أخرى لتقديم المونولوجات فى شارع
الهرم.. كانت حياته أشبه بالدائرة، بدأ «مونولوجست» وأنتهى «مونولوجست»، وكثيراً
ما كان «إسماعيل يس» يفاجأ وهو يلقى نكتة بين مقاطع المونولوج أن أحد زبائن الملهى
يقول له قديمة.
***
لم يستطع
خطابه لوزير الثقافة أن يفعل شيئاً، فلقد انهال «إسماعيل يس» بالهجوم ضد الموظفين
الكبار، الذين سدوا أمامه أبواب الرزق ولم يعودوا يسندون له أى أعمال فنية جديدة
ولم يرق قلب الوزير، ولكن بقى الدرس أن هذا الخطاب أصبح وثيقة تشهد على أن فناناً
جماهيرياًبحجم ونجومية إسماعيل يس يمر به الزمن ليستجدى العمل.
لم يدرك سمعة أن إيقاع أدائه بات خارج الزمن،
وأن المنتجين الذين أصبحوا أثرياء من أفلامه التى درّت عليهم الملايين هؤلاء باتوا يبحثون عن نجوم آخرين ولا يتبقى للنجوم
الكبار الذين أصبحوا خارج نطاق الخدمة سوى الشكوى، وبرغم أن الدولة نفضت يديها عن الإنتاج، إلا أن خطابات وشكاوى
الفنانين الكبار لا تتوقف وترى فى ثناياها إستجداء من أجل لقمة العيش، وهى مع
الأسف لقمة مغموسة بالذل وبالهوان.
***
الزمن هو
العدو الأول للفنان مهما كان نوع الفن الذى يمارسه، إلا أنه أيضا من الممكن أن
يُصبح صديقآله لو نجح فى ترويجه، وفى هذه
الحالة من الممكن أن يلعب لصالحه .
إسماعيل يس
لم يستوعب التغيير الإجتماعى الذى دفع بجيل جديد ليحتل القمة، فهو لم يستطع أن يفك
شفرة الزمن، وبرغم ذلك لاتزال أفلام إسماعيل يس قادرة على أن تمنح أطفال هذا الزمن
البهجة والسعادة والضحكة الصافية من القلب .
***
«رسالته
لوزيرالثقافة »
«أنا 40 سنة
شغل وتعب وجهد، مثلت 400 فيلم، وعملت 300 مونولوج، وقدمت 61 مسرحية، كنت زي الدوا
للإنسان المهموم عشان أضحكه وأنسيه همه وغمه، ماتكونش دي نهايتي أبداً.
بقى الناس
تنسى ده كله، ويفتكروا إني رجعت أشتغل في كباريه في أخر أيامي.. طب أعمل إيه؟
أنا 40 سنة
شقى ماخدتش شهادة تقدير ولا حتى ميدالية صفيح، كل مليم حوشته في حياتي اتاخد مني
وماقلتش حاجة، بس ماتكونش دي نهايتي أبداً!»
رحمه الله
بقدر مارين السعادة وادخل البهجة في قلوب الملايين 🇪🇬