سليمان حسين
"نوستالجيا"
لم يكن
افتراقنا -ياعزيزتي- أبدياً مُذْ تكسرت أشرعة الوَلَه في لُجَّة سوء فهم عابر،
صحيح أنَّ المراكب كانت متعبة لكنها ظلت تمخر عُباب المنافي مبحرة نحو مرافئ
العناق من جديد.
كنت حينها
أجذف الشوق بنبضي، أسابق عطرك المحمول على كف الريح، وأحتضن طيفك بصمت الوجد
الغارق في وتيني، أخلقكِ من أناملي حورية تتقاطر سحراً من غيمات الذهول وأعصرك
نبيذاً ينسكب في أقداح قلبي الظمأى لتنتشي الشغاف نخب الجنون.
لا أدري ما
الذي يعتريني لحظة مناجاة طيفك، ثَمَّة
شعور مبهم يغلفه بوح أخرس تخذله الحروف فيختنق بها ذات لهفة.
في الحقيقة
لا أعرف ياعزيزتي كم كبسولة شجنٍ يتوجب على دمي ابتلاعها كي أبقى على قيد انتظارك
ولا أعرف بالضبط أيضا كم جرعة أرق يتوجب على عينيَّ تناولها كي يبقى خيالكِ عالق
في مراياي.
أنا ياعزيزتي
أخشى الفقد وأخشى الهزيمة لكنني في النهاية أرمم هزائمي وأغزل من خيوط فقدي حشوة
ناعمة تستلقي عليها غيماتي المتعبة، وإذا ما نال مني الوجد وعصفت بي رياح الجوى
أعيد ترتيب واجهات الشوق من جديد، أتقمص دور (جاك سبارو) في قراصنة الكاريبي،
أستعيد اللؤلؤة السوداء من (هكتور باربوسا)، غالبا ما أكون الناجي الوحيد في كل
معركة كي أدوَّنَ لكِ مغامراتي في عوالم ماوراء البحار "فالموتى ياعزيزتي لا يروون
الحكايات".