فى معانى المحبّةِ والعشق
حامد حبيب
--------------------------------
يقول أهلُ الأدب : الحُبُّ اسمٌ لصفاءِ المودّة ، لأنّ العرب
تقول لصفاءِ بياضِ الأسنان ونضارتها "حبَب
الأسنان" ، و"الحبابي" مايعلو الماء عند المطر الشديد
وهو_ أيضاً_حبّة بيضاء نقيّة.
وقال بعضهم : الحب مأخوذٌ من القلَق ، لأنّ العرب تسمّى القرط حباً، للزومه
الأذن، أو لقلقه واضطرابه.
وقالوا:مأخوذٌ من الحَبّ،جمع حبّة، وحبّة القلب مابها قوامه ، وهى للقلب
بمنزلة القلب لسائر الجسد.
وعن "العشق" قال( ابنُ الأعرابي):
العشَقه:اللبلاب،
لدقّته وضعفِه ، وقال (أبو عمرو
الشيباني) : العشقُ صخرٌ ينحدر من الجبل
فيرسب فى الوادى ، فسُمّى
العاشق لرسول الحب فى قلبه وثُقلِه عليه.
وقال (النضرُ بنُ شميل) : يُقالُ
السيف "العاشق" وبه
سُمّى العاشق ، فكأنّ الحُب يصنع
بصاحبه مايصنع السيف بالجسد.
* أمّا قول ُ شيوخُ الصوفية: فقال (عمرو بن عثمان)
المحبة مأخوذة فى اللغة بتفسير الحبّ، حيث سمّوا
دخول المروَد فى العين حبًّا ،
فهكذا دخول التعلّق بالمحبوب فى القلوب مدخول المرود فى
العين.
وسُئلَ ( أبو عبد الله محمد بن خفيف ) عن
المحبة
فقال:المُلازمة.
وقالوا: العشقُ شدّةُ الوازع بذكر المحبوب ، وقالوا:
غليان الحب.
غير أن الصوفية
جعلوا للحب مراتب
ودرجات متفاوتة، حتى قال أحدهم:للمحبة أسماءٌ اشتُقَّت من
رتَبها ودرجاتها مختلفة الألفاظ والمعنى واحد ، وهى فى الجملة عشرة مقامات،
وتنتهى فى الحادى عشر إلى العشق ، حتى قال (أبو القاسم الجُنيد) : العشقُ مأخوذٌ من العشق
وهو رأس الجبل وأقصاه ، دلالةٌ على أنه أعلى المراتب.
وقال المنجّمون فى أصل العشق ، أنَّ المُهيجَ للعشق
من
النجوم"زُحَل"و"عطارد"و"الزهرة"،ف"زُخل"يُهيئ
قولَ الشعر والكلام والمعرفة، والزهرة تهيئ الحُب والرّقّة . ومتى جاد"عطارد"
جاد شعر صاحبه وحسُن
نظمُه ،وإذا قويَت الزهرة كان صاحبها رقيقاً محبوباً
تميلُ إليه القلوب.
وحكى عن (بطليموس)أنه قال:إتّفاق الأرواح تعاشُق
حيث لايوجد أحد بُداً من محبّة صاحبه.
______________
حامد حبيب_مصر