يَا شَامُ يَا شَامُ
شعر: أحمد جنيدو
يَـا شَامُ يَـا
شَـامُ يَـا صـوتاً بِـوِجـدَانِـي.
غَـنَّى الصَّـدَى أَلَـماً مِنْ نَزفِ شِـريَانِي.
يَـا شَـامُ يَـا شَـامُ يَـا عِـشـقاً يُمَـرجِـحُنِي
وَرُوحَ أُغـنِـيَــــةٍ مَـاجَــــتْ بِـأَلـحَـانِـي.
ســيَـعرِفُ العُـمـرُ أَنَّ الوَعـدَ مُـنـتَـظِـرٌ
عَـلَـى جِـرَاحٍ مِـنَ الـتَّـارِيـخِ عُـنـوَانِـي.
طَـافَـتْ عَـلَى سُـدرَةِ التَّـغـرِيـبِ أَقـنِعَةٌ
تَـمـحُـو فُـصُـولَكِ مِـنْ جَـردَاءِ أَثمَـانِي.
عَـبَـرتُ فِي طَـعـنَـةِ الأَوجَـاعِ خَاتِمَتِي
تُـوَّجـتُ فَـاجِـعَـةَ الـتِّـرحَـالِ نِـيـشَــانِـي.
فَـالطِّـفـلُ تَـحـتَ رُكَـامِ البَـيـتِ مُلـتَبِـساً
يَـداً تَـمُـدُّ سَـــــلَامَ الـحُـبِّ
إِنـسَــــــانِـيْ.
وَالأُمُّ ثَـكـلَـى وَحِـقـدُ المـوتِ حَـاكِـمُهَا
وَالنَّـفـسُ أُخـرَى حَلِيبُ الجوعِ إِذعَانِي.
كَـمْ مَـرَّ طـيـفُـكِ في الأَحـزَانِ مُغـتَـرِباً
يُضِـيـفُ حُـسـنُـكِ فِي التَّـشـرِيدِ أَحزَانِي.
قَـطَـفـتُ نَـجـمَـتَـهَـا كَـانَ الظَّلَامُ غَدِي
حَـمَـلـتُ نُـورَكِ فِـي الظَّـلمَـاءِ إِيـمَـانِي.
أَنـتِ الحَـقِـيـقَـةُ وَالتَّـارِيـخُ فِـي
كُـتُـبِــي
جُـرحٌ يُـرَصِّــعُ فِـي الـتَّـعـذِيبِ أَجفَانِي.
يَـبِـيـتُ تَـحـتَ عَـرَاءِ الحَـقِّ حَـاضِـرُنَـا
وَسْـــــدُ التُّـرَابِ فِـرَاشٌ وَالمَـدَى رَانِي.
يُـذِيـبُـنِـي الـوَردُ وَالأَشـوَاقُ تَـغـمِـرُنِـي
عَـيــنٌ تَـرَانِـي وَعَـيـــنٌ نَـبـعُ تِـحـنَــانِ.
وَالحُـلـمُ طَـــافَ بِـلَادَ الـجـوعِ مُـرتَـقِـبـاً
عَـلَـى لَـهِـيـبِـكِ عَـزفُ المـوتِ يَـهوانِي.
أَحـنُـو إِلَى الحَـارَةِ الغَـرَّاءِ فِي سُــرَرِي
وَأَرفَـعُ الـغُـصـنَ فِـي تَـشـيِـيـعِ جُـثـمَاني.
مَـرَّتْ صَـغِـيـرَتُهـَا تَـمـشِـي عَلَى رُكَـبٍ
تَخـتَـالُ فِـي المَـشـيِ أَوْ تَخـتَـلُّ أَوزَاني.
تَـنَـفَّـسَـــــتْ أَمَـلِـي أَنـفَـاسُــــهَـا
حَـبَـقٌ
وَالـنَّـطـقُ يَـنـهَـلُ مِنْ تَغـرِيـدِ
بُـهـتَـانِـي.
ميسونُ في السَّطحِ تَسقِي الوَردَ في غَنَجٍ
مِـنْ ضِـحـكَـةٍ رَسَـمَـتْ أَلبَابَ عِصيَاني.
وَأَبـحَـرَتْ تَـهـتَـدِي الأَوهَــامَ مِـنْ قَـلَــقٍ
ذِكـرَى تَـنُـوْحُ عَـلَـى الأَرحَـامِ بُـنـيَـانِـي.
أُحِـبُّ في الهُـدْبِ ذَاكَ الحُـرنَ مُـشـتَـعِلاً
رُوحاً وَإِنْـسـاً عَـلَـى سَـــــودَاءِ
تِـبـيَـانِـي.
قَدْ عَـانِـقِـتـنِـي بِـذَاكَ الـحُـلـــمِ
نَـاكِــــرَةً
صَـدرُ الـمُـحِـبِّ لَـهِـيـبٌ حِيـنَ يَـلـقَانِي.
فَـلَـمـلَـمَـتْ مِـنْ بَـقَـايَـا الـرَّجـعِ
فِكرَتَها
تَـسُــوقُ فِي خَـطِـرِ الإِبـحَـارِ شُــطَـآنِي.
أَنَـا الغَـرِيـبُ حَـنِـيـنُ الأَرضِ يَلفِـظُني
وَأَنــــتِ أُدعِـيَـــــةٌ بَـاحَـتْ
بِـأَوهَــانِــي.
يَـا شَــامُ يَـا قُـبـلَـةَ الـتَّـارِيـخِ يَـا
وَطَناً
أَغـرَى البُـكَـاءَ فَـصَـارَ القَـلبُ أَوطَانِي.
يَـخـتَـالُ فِـي الـدَّمِ نُـورٌ مِـثـلُـهُ وَجَـعِــي
يُـثـرِي الضُّحَى تُعجِزُ اللوحَاتِ أَلوَانِي.
يَـشُــــــقُّ مِـنْ صَـخـرِهِ مَـاءً يُـطَـهِّـرُنَـا
وعَـذبُـهُ النَّـضْـبُ فِي الأَعمَاقِ نُقصَانيْ.
وَإِنْ تَـجَـلَّـتْ بِـنُـور الـعَـيـنِ
بَاسِــــــمَـةً
فِـي الـشَّامِ تَـغـزُلُ قوسَ النُّورِ أَشجَاني.
مَـلَأْتُ مِـنْ كَـأْسِـهَـا العَطشَــانِ أَفئِـدَتِي
حَتَّى ارْتَـمَى فـوقَ غَيضِ العِقرِ بُركَانِي.
أَنَـا الغَـرِيـقُ وَكُـلُّ الأَرضِ مُـشــرَعَـةٌ
شَـوقـاً إِلِـيـكِ وَصَـبـرُ العِـشـقِ أدمَـانِي.
غَـرَســتُ فِي شَـجَـرِ الأَحـلَامِ زَهـرَتَـنَـا
قَـطَـفـتُ مِنْ تَاجِهَا المَـسـلُوبِ أَغصَانِي.
أدمَـنـتُ فِـيـكِ وُلُـوجَ الإِثـم فِي جَـسَـــــدٍ
أَنـجَـبـتُ مِـنكِ سُـطُورَ العَجزِ خِصيَانِي.
مَارَسـتُ دَورَ الهُدَى حِينَ الضَّلَالُ أَنَا
كُـنـتِ الأَثِـيـمَــةَ فِـي تَـلـفِـيـقِ أَركـانِـي.
أَنـتِ الـحِـكَـايَـةُ وَالـعُـنـوَانُ يَـعـرِفُـنِـي
كُـنـتُ المُـغَـنِّـي وَرَدُّ الـرُّوحِ نِـيـرَانِـي.
عَزَفتُ تَحتَ جِـدَارِ الصَّمتِ ضِحكتَنا
طَـافَـتْ عَـلَـى وَتَـرِ الأَوجَـاعِ أَزمَانِـي.
تَرَاقَصَتْ غَنَجاً فِي ضِيقِ حَـشـرَجَـتي
فَـبَـاحَ فِـي ظُـلـمَــــةِ الأَيَّـامِ حُـرمَـانِـي.
أَشــتَـمُّ فِيكِ رَحِـيـقَ الأَرضِ يَا بَـلَدِي
وَمِنْ فَـــمٍ عِـطـرُهُ مِـنْ زَهـرِ رُمَّــانِ.
غَـادَرتُ نِـصـفَ كِـيَاني مِنْ شَـقَاوَتِهَا
عُـدتُ المُـنَـادِي عَلَى أَزهَارِ نِـيـسَــانِ.
الـشَّـامُ غَـارِقَـةٌ فِـي الـموتِ صَـابِـرةٌ
ثَكلَى الوُجُـوهِ صَرِيعُ الموتِ عِنوَانِي.
أُحِبُّ فِي الشَّامِ شَـاماً أَرضَعَتْ رَجُـلاً
وَالطِّـفـلُ أَبـقَـى سِـنِـيـنَ العُمرِ أَقرَانِي.
يَـا شَـامُ يا شَـامُ يـا جُـرحاً يُـمَـزِّقُـنِـي
كُــلُّ الـبِـلَادِ بَـــدَتْ قَـفـراً بِـوِجـدَانِـي.
فَـعَـانِـقِـيـنِـي أَنَـا المُـشـتَـاقُ يا وَطَـناً
لَـعَـنـتُ فِي الشَّـوقِ أَبـنَـائِـي وخِـلَّاني.
تشرين الثاني/كانون الأول 2016
من ديوان انها
حقا