المرجعيات الثقافية و المرجعيات الدينية
العقيد بن دحو
حسب جميع القواميس و المناجد
العربية , و حسب جميع التعاريف الأكاديمية و الهيئات و الجمعيات الأممية المعنية
بالشأن الثقافي : تعنى الثقافة لغة و اصطلاحا و فيلولوجيا (فقه اللغة) : هي كل
عادات و تقاليد و دين و لغى و فنون
زمكانية و فلكلور ذات المكون
الإنساني و انسنة الإنسان و ما تجود به
مواهبه و ميولاته ورغباته من شأن مادي واللا مادي.
و لما كان الدين عموما حزءا لا
يتجزأ من المكون الثقافي العام , و لما لم
يعد في الإمكان ابداع اكثر مما كان , و لما كانت جميع الفنون الزمكانية تتماشى و
متصالحة مع عصرها , كان لا بد من عدم
الإكتفاء على (التطهير) و ( التكفير) و انما العمل بجد و ابتكار على ( التفكير) و
( التغيير) و ( التجديد).
و لما كان الرجل الفنان بما منحه
له الله من قدرات خلاقة يختلف عن بقية الخلف , كان عليه بالمقابل اللا يكتفي
بالموهبة وحدها او بالملكة و حدها , انما عليه ان يطعمها و يصقلها بما انتجه
الأولين السلف للخلف , و ان يستفيد من تصوراتهم الطهنية و اغكارهم الفلسفية التي
في الأخير و بالتراكم و بالإضافات تشكل مذاهب او مدارس التي نسميها خلفيات او مراجع.
و لما كان الدين جزءا من الثقافة
العامة كان لا بد ان يستفيد بدوره من المذاهب و المدارس الدينية الكبرى الشائعة و
لا سيما الأربعة منها , ناهيك عن الفرعية كالطرائق و بعض الإجتهادات الأخرى....
اذن من ينادي اليوم عن فصل المكون
الثقافي عن المكون الديني , هو في الأساس يبحث عن بثر عضو عن بقية الأعضاء او طرفا
عن بقية الأطراف . او هو يريد تشويه جانب عن جانب اخر , ليس لكم إلا ما
ارى........
و اذا كانت مرجعياتنا الدينية
قضية مسلمة لا تحتاج الى نقاش , على اعتبار الدين دين الدولة و مذهبنا مالكي لا
غبار عليه , و مع ذلك تبقى حرية المعتقد ة المذهب قائمة مفعولا.
لايستقيم الأدب و الفن إلا فق مذهب او مدرسة معينة , فكل اديب او فنان
مذهبه او مذرسته من المحلية الى العالمية , و لا يمكن له ان يتقدم دون ذلك.
و نحن عندما نختار لميولاتنا و
لمواهبنا منهاجا او برنامجا او مذهبا او
مدرسة كأسلوب فني ناجع من الأدب اليوناني / الأغريقي القديم بما فيه من اكراهات
للبعض من ذوي الأنفس الحساسة دينيا كالخرافة و الأساطير , البطل او الإله او نصف الإله كخلفية ثقافية و مرجعية
لنا , و ليس التطاول على ديننا الحنيف , و انما
من اجل الخيال و الإستعانة بالخرافة كميراث الفنون. اذ لا يمكن ان نتطور و
نتقدم دون الإطلاع ما انتجه الأخرون من اداب و فنون ومعتقد.
فنحن مسلمون بالمقام الأول ابا عن
جد , و لسنا طرفا في اقصى العصا و لا من طرفها الثاني. نحن امة و سطى نعرف حدودنا
الديني كما هو نعرف حدودنا الثقافي. كما ان نعرف جيدا ان العديد يتابعنا و حق
الجميع عنا محفوظ سزتء كانوا من رجال
الثقافة او من رجال الدين او هم معا او هم لائكيون.
فنحن رجال ادب و فن و فكر لجميع
الناس , لأنسنة الإنسان , كما هو رجل الدين لنفسه و لكل الناس.
كما ان ديننا الإسلام سمح ووسطا ,
ولايمكن له اإلا ان يكون متسامحا في حدود انتشار
جميع الديانات الأخرى دون اقصاء او تهميش , و الحجة بالحجة و الفكرة
بالفكرة , و لا يمكن الإكتقاء بالفتاوي المعلبة الجاهزة تحرم من تشاء و تحلل من
تشاء.
و اذا كان الأدب عموما لا يفهم كما
هو , بل كما يجب ان يكون , نتحدث مثلا عن ازهار الشر قصيدة شعر لبودلير كيما نفهم
الخير , و نتفرج عن فيلم رعب لمخرجه ايتشكوك لنفهم الحب و السلام , و نتفرج لألام
مسرحية اونتجون لصوفوكليس كينا نفهم الوطنية , و الحديد بالحديد يفلح , و الضد بالضد
يٌفهم.
ما احوجنا الى الحوار بين
المرجعيات الثقافية اولا و الى المرجعيات الدينية , اكثر مما نقهم الحوار بين
الثقافات و الحوار بيم الأديان قس حدود انتشار التسامح الديني و الفني و الفكري ,
و لا يمكن هذا إلا اذا اصبح و ارتقى رجل الدين الى ان يكون فنانا , و صار رجل الفن
الى ان يرتقي الى رجل الدين , لنعيد تشكيل صورة الفنان المبدع الحقيقي عندما
تتلاقى به صورة الرائي , الشاعر , المقاتل , و الكاهن او الإمام , و الجندي
المقاتل , غما يجمع اكثر مما يفرق ( الإبداع) : الإبداع لعبة اللله كما تقول
الصوفية.
فأنا يا أخي عندما اكتب , عندما
ارسم , عندما نحث , عندما امثل , عندما ارقص , عندما اغني , عندما اعزف فلست كافرا
حسب وجهة نظرك كون مرجعيتي او خلفيتي الثقافية يونانية او رومانية و انما ارتقيت
دينيا , و كل منشأ شعر جيد ذو نشأة دينية سليمة كما تقول (سوزا).
انا درست ابان السبعينيات و حتى
منتصف الثمانينات بمعهد اسلامي , و احفظ الكثير من القرأن و الأحاديث , و لي صةت
جميل بالتجويد , و امارس كل عاداتي الدينية و احافظ عليها بإنتظام , بالمقابل انا
المختص الوحيد بالجزائر قاطبة بالأدب اليوناني , احفظ اليادة هوميروس , و الأوديسة و انيادة فرجيل , و احفظ العديد من
الأساطير و الخرافات و اعرف كيف ... متى
.... اين ...... لماذا توظف , و اعرف
تأويلاتها الأخرى على سائر مظاعر الحياة الشساشسة و الإقتصادية و تلإجتماعية و
الحضارية الما قبل التاريخ و التاريخي و الشبيه بالتاريخي.
صحيح من حقك حبيبي و صديقي ان
تتهمني ( بالكفر) كوني استشهدت ببيت شعري اغريقي قديم , كون المدرسة لم تدرس حتى
الأن ما عند الأخر من كنوز معرفية عالمية , و اكتفت بالقشور و تركت اللب وارادت ان
تبني بحلالك و حرامك صرحا حضاريا.
اشهد لا اله الا الله اللهم
اشهد اني مسلم , لكن مرجعيتي الثقافية و
الحضارية يونانية / اغريقية أحبٌ من أحب وكره من كره , و ان " الزمن لإله
رحيم " كما تقول الحكمة اذذذلغريقية القديمة.
عام سعيد و كل عام و انتم بخير على
اسان جميع اللغات و جميع الديانات و جميع الثقافات و المرجعيات , و الحكمة ضالة
المؤمن أنى ما وجدها أهل لها.
فأختار مرجعيتك و خلفيتك الثقافية
و اشعل شمعتك خير لك من ان تظل تسب الظلام .
عموما اختم مقالي هذا بقول المستشفى المسلم روجي أو هو رجاء غارودي: " جميع الفنون في الإسلام تقود الى المسجد
و المسجد يقود الى الصلاة " و لكم مني واسع النظر.