عامر الطيب
🌹🌹
في القطار من بغدادَ إلى البصرة
الذي انطلق عند الساعة السابعة مساءً
و في مقعدين متجاورين
بدأ رجل بالتعرف على امرأة
عبر ملامسة
كتفها أولاً
ثم بإختصار الجمل الإسمية بالأسماء فقط.
كانت قصتهما تسرعُ كالأشجار
التي تبدو قادمة من النافذة
و قد بقي شيءٌ من الطريق في القلب كالغبار
الذي يغيرُ لون الطائر .
حسنا أنا أعرف البداية
وهي أن القطار سيصل بموعده
المحدد
رغم محاولة العاشقين الجدد تأخير الوقت بعض الشيء
نعم أنا أعرف البداية فحسب
أما النهاية فمعروفة للجميع!
♤
أنا باق لكني أتخافت مثل ظلال
أميرة .
في الزمان و المكان نفسه
في هذا الرصيف عابراً
نحو رصيف مدينة أخرى ،
ومن هذا الحب ملوحاً
لألف حب ماضٍ
أقول أنني أعانقك كمن يمدُ رأسه
من وراء نافذة ،
الشمس تضرب وجهينا بنعومة
ظفري أرنب
حد أنني لا أعرف أين هو البحر الغائب
وأين هي سمرة وجهي !
♤
بطريقة من يبني بيتاً
أحببتُ.
بإصرار من لا أظافر له
خربشتُ الجدران
و خيل لي أنني أصرخ و أغير شيئاً
من العالم الجديد.
أنا الذي جعلتكِ تلوحين
عبر منتصف كل طريق.
بجملة وحيدة
إزاء ألف زمن قادم
أجبتُ عن الأبد!
♤
حسناً يا أحبائي
لنقل أنه وداع أخير فيما بيننا.
وداع الميت للمولود
أو على العكس من ذلك.
لنقل أنني الجبل وأنتم الغيوم
التي لا يمكن الإمساك بها،
السماء تبدو صافية
لأنني أنا الذي قررتُ أن أحبكم
هذه المرة من الأعلى!
♤
حبيبتي العظيمة، كان ينبغي أن تكوني
المقص أو الأرجوجة
المرآة أو الساعة.
سأتنازل عن كل شيء
لأقول أنك ساعة الحائط التي تدق بمهارة عالية
مخلفة وراء كل
دقة خافتة جناحاً لعصفور.
لأقول أن حبنا المعهود موعد سفر
و بالشفاه
التي تخرج منها الكلمات فائضة عن الحاجة
نتبادل القبل!
♤
في الفيلم الذي نشاهده معاً
لا تذبل الأزهار،
لا يضمحل ألق النجوم
في بعيد السماوات ،
وعندما يقف حبيبان مثلنا
حول بحيرة صافية
تكون هناك أغنيتهما الأخيرة
و من الحجرة التي يقذفانها
يقدحُ القمر !
♤
من الكلمة التي قلتُها أول مرة
الى الكلمة التي سأقولها أخيراً،
ثمة طريق باتساع ذراعين ،
ثمة حب سعيد يأتي للذين يصلون
أعتاب الخمسين
لكني أنا المحظوظ
إذ يأتيني الآن.
من أول إنسان إلى مليار إنسان
ينظرون إلينا
و نحن نحب بعضنا بطلاقة
نعرف إننا نصونُ الأحرف الصغيرة
و نهدرُ الجمل!
♤
عندما لم تكوني هنا
سميتُ نفسي طائراً و أردت أن أطير
لكن أشلائي كانت ثقيلةً
بالكاد استطعتُ
أن أوضح الأمر لآلهتي الجديدة
التي خسرتها فيما بعد.
عندما لم تكوني هنا
نسيت أن البيت للاستيقاظ قبل الضيوف
الشمعة لإضاءة الحجر
الشموس للبراءة من الرقاد
و الخنجر لإزالة الصدأ عن مقبض الباب !
♤
اغفري لي لقد جعلتُك تبكين بسببي
لقد أخبرتك
عن الوحوش التي افترستني في الأحلام
فشعرتِ بالرعب.
قدمتُ لك الطبخة غير ناضجة
هناك ،
رضيتُ أن تكوني أماً و ابنة في الآن نفسه .
اغفري لي لأن هذا الندم الأخير
فبعد كمٍّ من أفضال المحبين
ككلب الحراسة
سيتربى قلب الإنسان!
♤
ربما تبصرني في الصورة الفوتوغرافية
فتعتقد أنني حقيقية.
تتعمد بعد ذلك لمسي
و معانقتي بضرورة.
لست الوحيدة في الصورة
لكنني أحبك على طريقتي
معلقة كالهواء العابر بدفعةِ يدك
وقد بقي من الصورة
الإطار الذهبي فقط !
♤
تكمن السعادة
في إننا لسنا سعيدين منذ الأزل
في إننا لسنا ذئاباً
ولا خرافاً أيضاً.
تكمن القوة
في الحب الذي لا يُمنح كمواساة .
يكمن الخلاص
إنْ كانت الكلمات تلمس كالكرات
أنّ ثمة كلمات أقذفها للفتيات بقدميّ
و أخرى هي التي تلك أهبك إياها بيدي !
♤
أنهم لا يحبونني وأنا لستُ مديناً لهم
بشيء،
أولئك الذين يجرحونني متى ما كان بإمكانهم ذلك
تاركين لي أسوأ الحريات التي في العالم:
أن أحبهم عندما لن يعود
بمقدوري أن أعفو عنهم فقط !
♤
وجدتُ صفحة أخيرة لم نقرأها
في الكتاب،
كلمات غريبة على ملامحي
كرسالة دكتوراه.
اكتشفتُ لغة
ليست كالتي لدى البشر،
رأيت رفاقاً يقطعون الطريق نفسه جيئة و ذهاباً
و خشية أن يكونوا عشاقاً
خشية أن يصل أحدهم
للآخر ،
كالمتعاد فتحتُ الكتاب على الصفحة الأولى!
♤
لماذا يموت الآباء
كما في المسلسلات
إذ لم يبقَ لنا سوى الوقت الضائع
لنودعهم ؟
لماذا خلف غيمة رمادية
يبقون عيونهم تحمل الأزهار
في أعياد ميلادنا ؟
هل نحن أقوياء
والموت أول مبادراتنا ؟
هل نحن في أي بلد كنا
نقف و نعدو باللحظة ذاتها؟
إنها حشرات الحب
إنها خصائص الموت
أنه سوء التفاهم مع الشجر!