محمود حلبي
*حي حي ياأزرق*
*
إنه اللاذورد
شيء من الازرق المقهور
بنفسج نصف ازرق
انتماء لصنف الاجرام النبيل
كتف يبكي وترقوة تنوح
يا ازرق يا ازرق
...
لما اللون يكون عظة
لما تتكلم طية جسد
تحكي تلك الملهاة
كيف كانت الطفولة عذوبة
كيف اشتعل الجسد فحولة
كيف القباب هدأت للامومة
انه اللون واللون فقط
زرقة حائرة تتسلق دالية الله
...
يقال ان الازرق لون حزين
يقال انه الحقد عند الفجر
ويقال انه يعسوبا شاعرا لا ينام
...
مخير انت بين زرقة السماء وزرقة العيون
راقبت ثوبا معلق بمشجب يتحدث اليك ؟
يقول لك لاتنم عند الفجر
لترى زرقة الملائكة واصفرار الشياطين
يا ازرق يا ازرق
...
يا ازرق عمت صباحا
يا ازرق عمت مساء
يا ازرق بينهما
اعرج على ساقك
وحلمتك ستثقبني
يا ازرق
الحمد لك
مثنى
وثلاثا ورباع
...
الحمدُ لك يا ازرق
الحمد للونِ فيك
الحمد للاخضرِ فيك
الحمد للاصفر فيك
الحمد لنبيذكَ المصطفى
الحمد للنضارةِ والبهاء
يا ازرق يا ازرق.
...
الحمد للأزرق المعتق فوقَ الغيمِ ..
ذلك الوشم او تلك الشامة
متى ستشعر بها ؟
متى تشعر باليتم ؟
متى تغدو ذبيح جوارحك وعصبك ...
متى تهجرك حواسك للأبد ؟
متى تكفر برؤية عينيك وجلدك ولفافة تبغك وكأسك
المثلج ؟
متى يحصلُ أن تسبحَ في غبارِ قلبك ؟
انه الغربة وذكورة روحك
يا ازرقُ عمت مساء
يا ازرق عمت صباحا
يا هو يا هو.
...
كيفَ تعاني لون النضجِ بشفةِ الجوع؟
كيف تهلوسُ في لحظات الالمِ الجائر ؟
كيف تعاند عصبَ الشهوة ؟
كيف تسوحُ بحزنك خلف جدار الوطن الدامي؟
ما لون الدفلى داخل قلبك؟
ما لون جحيم صفاقة حلمك ؟
حي حي
مدد اللون بضوء القلب مدد.
...
إنه اليتم يا صاحب حين يغدر بك ...
تستجمع كل قواك ..
وذاكرتك تنشط للتقوى والفجور ..
وعصبك يثب الى الصحو بعد ذلك السبات الطويل ..
وتسير الى الخلف
تطير الى الخلف ..
تتجه بكليتك الى الخلف ..
بكامل ارادتك ..
(فنارة وجهك تنزف بشغف ذلك الوريد ..
رعافك ابيض كقلبك ..)
تشعر بحمقك ..
وغبائك ..
وطيبتك ..
ونبوتك ..
وعدل ربك المحير ..
كيف قلبك استباحه الله وهو ؟
الله حي مرة واحدة..
..
يا ازرق يكفي شغبا بالقلب
كفى يا ازرق !
فجلال الروح بهاء اللون كفى
انا في روضة روحك ثمرة
انا مجذوب في صرة جبريل امانة
انا يا ازرق حشو الطوفان بوصية نوح
يا ازرق في بيزنطة يركلني اميال النوَحِ
واذكار جلال الرومي
يا ازرق تغشاك اصابع روحي
تبكي في حرقة يعقوب
تمدد
وتبدد.
...
للحب جلاله ووقاره...
للحب منازل شتى في القلوب وجملة العصب ..
للحب تعبدٌخاص وسوح في معارف الله ...
في الحب تكون او لا تكون ...
هاملت كان عاشقا كما جميل او ايزيس او قابيل ...
زهرة الاوركيدا ..
ورائحة الماغنوليا ..
وملمس الدراق ..
والشعور في النبوة ....
كله يفتيك انك عاشق !
وهنالك خلف جدارك
من يمد لسانه لك شامتا ويقول لك ...
انت ضحيتي التالية .
...
ما الجوع في غربة وصالك؟
ما فائدة الحب البائد ؟
ما جدوى هذيانك في لحظات الصدق ؟
انت جدار صامت صامت .
...
عندما تمسك في تلابيبك المصائب..
وانت
تنهض لكأسك وتنعم برائحة نبيذك ...
عندما تقع العين بالعين ..
ويقال لك :
إحمد الله على نعمة أنت فيها ...
كافر انا بها ..
ناكرا انا لها ..
ذلك اليتم نعمة ..
ذلك اليتم سخرية ..
الله حي مرتين ..
..
متى الفراغ يكون ؟
متى الانزياح لشي بصدرك ؟
شيء يحل مكان شيء ؟
محال يكون ولا يكون امام عينيك ..
أمس كان قابيل الذبيح وإخوة يوسف ..
أمس كانت زليخة تهدهد نهديها وسط سخام الشهوة
والترف ..
امس كان يوسف يعاني ويكفر في شبقه حتى ارتوى ..
الله حي ثلاثا..
...
متى ستنجو من الفطور المحيطة بك ؟
متى يتفاعل الطين بك ..؟
تعود هناك كأنك لم تكن ..
لم تحلم ..
لم تأثم ..
متى تغرق انت والله في أسئلة لا نهاية لها ؟
متى ستسيل عينيك امامك وانت ترهقهما لترى حافة
الكون عند ذيل ثوبه ..
تتسائل :
من اي سماء تقطف سحرك ؟
يا انت :
اريد ان اكمل شوطا بدأته منذ عرفتك ..
حين دمك يتبعك
حين تراه خلفك مثابر
يهزج باسمك ليل نهار
تقصر عبارتك
تنام قليلا وتصحو قليلا
ويغدق النعاس عليك قليلا
تراك جبنت ؟
مغامرتك كانت رحلة طويلة
الان انت وانت
دمك وانت
تدفأ به
سيصحو عليك في كل مرة
بكل نبض بكل ملاذ
سيعلن حربه عليك
ويعلن انك تعشق غيره
وغيره يعشق ان يستبيحه في كل مرة
تثاءبٌ يثب على صدرك... خانك
هرب الان
ما تقول وماذا ستشعر ؟
ودمك استباحه عطره...
تراك تهب الحياة ام الموت ؟
وتراني امسك بالحياة ام الموت ؟
سأكون هناك للحظة
فقط للحظة
ألا هل تراني ؟
الله حي بعدد الجهات أربعة ...
...
يا ازرق هل جربت النغم القادم من فوق؟
هل عانيت بقاع الخدر بصدرك كبهاق العمر القادم
من خلف هضاب الوقت
انت هشيم الحلم البائد
كيمياء خيال
يا ازرق ترفق بي
فأنا نغم راحل
راحل عنك.
...
حين النشوة في غربتك تحلق بك
تعرف انك بمحاذاة القهر
تبدد كل مسافة روحك
تجد الله بجانب صدغك
تعجز عن رؤيته
تبكي من رعشة قلبك به
تدنو من نور يديه
تردد
تهمس
تخشع
تركع
تسجد
تشكو
تموت.
...
هل ثمة نجاة منه ؟
وقيثارتك تنهش صدرك وتغدق كوثر قلبك امامك ...
ثمة انتحار بطيىء بطيىء ..
بعلم الله
وقدر الله
ويد ذابحك ...
أنت لا تدرك شيء ..
وكل شيء يدركك..
من أنت ؟
من الله ؟
أين منشأ الخير ثم الشر ؟
كلهم إستباح عذريتك ..
وكلهم تركك تعاني منه ..
وها أنت تعاني سقامك لوحدك ..
وها أنت تتقيأ أفعالهم المشينة ..
أيها النبي التابع لسراب قلبك ..
تمهل وعد أصابع رئتيك ..
الله حي بعدد فروض الطاعة القاهرة خمس ..
..
متى تفقه لعبة دمك وقلبك ؟
شيء يفعل بشيء ..
أية قوة تلك ؟
ما منشأها ؟
كيف كانت قبل الخلق الاول ؟
وانت في مخيلته ..
كنت تلك القوة الخارقة ..
واليوم انت يباب وعدم يمشي على إثنتين ..
الله حي بعدد النجوم ذبيحة عينيك ويديك
.
محمود حلبي
سوريا
