محمود نوحو ابراهيم
بعد ان ترك المدينة صبحي دسوقي يترك الحياة
=============================
(الموت فن
وأنا أجيده) بهذه المقولة للكاتبةسلفابلاث التي أنتحرت لاحقا
_وبذلك أثبتت
صدق أجادتها لفن الموت_يقدم صبحي دسوقي لاحدى قصصه في مجموعته الثانية
جاعلا تلك عتبة يعول
عليها
وهاهو يقول لنا بأننا لم
نقرأ تلك العتبة
والنبوءة بمايليق بها
ولذلك رفع صوته بها بموته
في الغربة بعيدا عن(
المدينة التي تركها) ولكنها لم تتركه
فصبحي منذ مجموعته الأولى التي أدان بطله فيها المدينة
وعلاقتها اللأنسانية وقدم فيهاقصص قصيرة وقصيرة جدا
وحكاية
صبحي دسوقي
هي أنتظار تلك المرأة
التي أسماها نارا
وظلت عناوين مجموعاته
اللاحقة تشتغل على تيمة تللك المرأة
التي ينتظرها
بعد ان صار هو( الذي ترك
المدينة)
ليكتب بعد ان اتعبه
الانتظار وأنهك ذاكرته
و بلغة شفافه وعذبه
(مشاهده
المنقوشة في ذاكرة متعبة)
والتي وضع على غلافها
الأخير صورته
وجملة تعبر عن النقمة
والاعتراف بارتكاب جريمة أحراق السفن
حيث انه لم يكتفي بترك
المدينة التي تقتل الحب وقصص الحب الجميلةوتمتهن أنسانية البشر وخصوصا المعلمين
الذي كان صبحي منهم فورط
نفسه في تبني مقولة وجريمة
بأنه (طارق الذي أحرق
السفن)
واعتباراً من مجموعته
الثالثة أعلن أنه سيظل يكتب لتلك المرأة
فكتب معنوناً مجموعته
الثالثة( القادمة من الشرايين)
كقصيدة حب فيها الكثير عن
تلك المرأة
وصبحي دسوقي ( من المأخذ
على قصصه هي التكرار وربما هو وقع فيه كما غيره من منطلق ان الكتابة بالنسبة له
كما صرح في لقاء في مجلة الكفاح العربي (اكتب لاثباتي وجوديتي..)
وكان المرأة هي المعادل
الموضوعي لوجوده وحبها هو جرس الميلاد الذي يعمل قرعه كل قداس وصلاة
ولذلك عندما ترك المدينة
ولم يحتفظ منها الا بمشاهد منقوشة في ذاكرته المتعبة منتظراً تلك القادمة من
الشرايين
وعندما لم تأتي ضجت روحه
فكانت رابعة مجاميعه (ضجيج الروح)
ومن ثم عندما استحكمه
اليأس من الأنتظار رفض ان يستسلم له فكان بنزق الفينيق يضرم النار في رماذ
الانتظار
لتكون مجموعته الخامسة(
صخب الرماد)
وتكون مجموعته السادسة
غنائية جميلة تلفظ اليأس وتغني للأمل ولابأس من التحمل كثيراً أوقليلاً من أجل
الأشياء الجميلة
وكانت مجموعة( الحلم)
التي نترك المدينة لأجلها
وان نحتفظ لها
بمشاهد ننقشها في الذاكرة المتعبة
للقادمة من الشرايين
تضج الروح
ويصخب الرماد
لاجلها الحلم
ولابد من التاكيد بأن
صبحي لم يكن رقي بأصوله لكنه عاش صباه و شبابه في الرقة فأخلص لها لذلك كتب
موسوعته عن الحركة الثقافية في الرقة في نسختين
نسخة خفيفة اشتملت على
أهم الأسماء
وألحقها بعد ذلك بالنسخة
الأضخم حيث أرخ للشعر والقصة والرواية والمسرح والسينما والتشكيل والرقص والفلكلور
عموَما
مترجَماً تقريياً لكل
الأسماء
وهذه الموسوعة لم تلقى
الأهتمام الذي يليق بها ولكنها ستبقى
حقاً المرجع الوحيد
والأشمل عن الحراك الثقافي عموماً والأدبي خصوصاً في الرقة
وصبحي دسوقي
الذي كنت صديقه
على المستوي الأنساني
أنسان بسيط
يحتفل بالحياة بمفردات
بسيطة
ويصنع الفرح من حواشي
الحزن
ويقلد وسام محبته بنية
خالصة للحب لكل الذين
يتوسم فيهم الصدق
صبحي دسوقي
لك المحبة بقدر غناءك
للحب
ولذكراك الدوام بقدر
أنتظارك للأشياء الجميلة
ولك التقدير والاحترام
بقدر جمال روحك
وصفاء قلبك اللذان ضلا
يكتبان للانسان في رغبته
للأنعتاق من كل ماهو غير
أنساني
وغيرسوي
رحمك الله واحسن إليك
بقدر أحسانك للحياة بقصصك
التي غنيت فيها للحب
والفرح في الحياة
