جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
محمد حبشينصوص

جسرٌ معلق ب رمادِ ذاكرتي

 

     إلى البحر ..

محمد حبشي

¤  جسرٌ معلق ب رمادِ ذاكرتي ،                                 

     يمتدُ من نافذتي 

     إلى البحر ..

.


.....................................................

.

.

1-  المرأة التي استعارت من " فرجينيا وولف " معطفها ،

مازالت تملأُ  قبل أن تُلْقِيَ أحزانَهَا في اليَم ،

جيوبَ أحلامها ب الحجارة ..

مازالت

فراشتها المراهقة ،

مُذ فقدت عينها في الحرب ،

ب قذيفةٍ طائشة ، من جندي أعمى عذريتها ،

تدعو كل مساء الرب ،

أن يُسْقِطَ

عليها نجمةً من السماء ،

تقودُ خُطَاهَا الضريرة إلى البيت ..

سحابةً عذراء ، ترتقُ ب خيوطِ الشمسِ غشاءَ بكارتها ..

.

.

2-  مازال طفلٌ المخيم ، يراوغُ داخلي مع كل طلقة الموت ،

ومازال خيالُ الظل ، يراقبُ من شرفتي المظلمة ،

غربتي المطلة على البحر ،

سندباداً

فَقَأت عينيهِ الريح / أصابعُ المَوج ،

حين قفزَ من مركبٍ

غير شرعي ،

دون أن يرتدي عدساتِهِ اللاصقة ،

أو يمتطي قبل الطوفان صَهوةَ الغرق ..

أو يرشو ساعاتِ الوقت ،

كي تمنحَهُ بضع

دقائق ،

يتعلم فيها من كلبِهِ السباحة / يستعيرَ منهُ طَوقاً للنجاة ..

يسألُ شهر زاد ،

كيف

تنفخُ قواربَ أحلامها ، ب حكاياتِهَا المطاطية الفارغة ،

كي تطفوَ

جثتُهَا فوق سطح الماء ،

أو تصلُ بعد ألف ليلةٍ وليلة ، رأسُهَا المقطوعة إلى الشط ..

.

.

3-  من غرفتي اليتيمة ، شرفتي المطلة على الجحيم ، 

أرى امرأةً تنتظرُ على حافةِ الغروب ،

أن يعودَ ( جودو ) آخر النهارِ 

من الحرب ،

حاملاً جثته ، وثلاثة أرغفة من الخبز ،

لا تكفي جيشاً من النمل / أسرة صغيرة من الموتى ..

فتاةً كفيفة ، تُلَمْلِمُ في أكياسِ الظلامِ ،

أشلاءَ النجوم / فُتَاتِ الضَوء ..

أطفالاً

يلعبون " الغميضة " ،

يحاولون - دون جدوى - الإمساكَ ب تلابيبِ الوطن ..

بقايا رجل ، ينامُ خفيفاً دون عشاء ، يبتلعُ دون خجل ،

حبتين من عجزِهِ الجنسي ،

ب نصفِ كوبٍ

من الأرق ..

- وهو يربطُ ب حزامٍ ناسف حجراً على بطنه - 

يقولُ لزوجته:

أنهُ تناول

أثناء القصف ، بعض الحبوب المهدئة ،

كأساً من صبغة اليود / جرعتين من طلقات الرصاص ..

شاباً في مُقتَبَلِ الحزن ، يُدَرِّبُ على أرصفةِ الشتات ،

أطرافَهُ الاصطناعية على وضع التسول ..

يبحثُ في نفاياتِ الذكريات ،

عن إحدى ذراعيه ،

يقتفي

في شوارعِ  مدينتِهِ القديمة ،

دبيبَ طفلٍ صغير ،

آثارَ نعلٍ لحذائِه ، يركضُ حافياً خلفَ قدمِهِ اليسرى ..

أرملةً بلا عائل ، تعلن في ليالي الحرب الباردة ،

عن حاجتها إلى قليلٍ من الدفء ،

رجلٍ

لم يفقد بَعد خصيتيه / رغبتهُ العارمة في القتال ،

لا يتبادل في غرف الشات ،

الأحاديث الجنسية

مع الموتى ،

أو يمارس ظلُهُ الاستمناء ، مع صور نجمات هوليوود العارية ،

المعلقة ب قميصِ النوم على جدران ذاكرته ..

فارسٌ يجيدُ ركوبَ الخيل ،

لا يخشى

الوقوعَ في حب امرأة ،

أو الموت في حضنها ب نيرانٍ صديقة ..

طاعناً في السن ، يطلب على وسائل التواصل الاجتماعي ،

بعض المساعدات الإنسانية ،

فيتلقى

على صفحته ،

بعض التوابيت المجانية ،

التي يتبرع بها أبناء القتلة لسكان المقابر ..

بعض الأكفان المدعومة ،

التي توزعُهَا

منافذُ الحكوماتِ الفاشية على بطاقاتِ التموين ..

.

.

4- من غربتي المؤلمة ، غرفتي المطلة على البحر ،

أرى مجذوباً من أهل الحي ،

يبحثُ بين صفحات

التاريخ ،

عن طبيبٍ أجرى ب " عين جالوت " جراحةً ناجحة ،

كي يشرحَ لقبائل العميان ،

كيف يشاهدون

ب عَينٍ زجاجية واحدة ، أحلامهم تحت الحمراء ،

التي تتساقط ك الفراشاتِ من سماء العمر ..

للمصابين بالعشى الليلي ،

كيف

يقرؤون

ب طريقة ( برايل ) ،

إحصائيات الجرحى / إحداثيات الطريق إلى القبر ..

مدرساً

ضالعاً في الموت ،

يعلمُ الأطفالَ حديثي الإبادة ،

حروفَ الهجاء ، أسماءَ المذابح الممنوعة من الصرف ..

- { أ / أرمن - ت / توتسي -

خ / خان يونس - د / دير ياسين -

ر / روهينجا - س / سربرنيتشا - غ / غولجا -

ص / صابرا - ش / شاتيلا -  - ف / فولين - ق / قانا ،

ك / كرتينا - ل / لفيف - م / موزوت -

ن / نجازاكي - ه / هيروشيما - و / وندد ني - ي / يلكيكي } -

شاعراً - لم يأكلْهُ الدود - يبحثُ في " مدائن الموتى "

عن شارعٍ لا يسكنهُ الجن ..

يرصفُ ب رمادِ

الجثث ،

طريقاً  يمتدُ من ( نافذتي ) إلى ( البحر ) ،

يمحو المسافات

الشاغرة ،

ما بين قوسين من الدمع ، كي لا تتسعَ لأسماءٍ أخرى ،

يغلقُ على فمي أبواب

القصيدة ،

يضعُ في آخرِ السطرِ علامة تعجب / نقطة من الدم ..

محمد حبشي / مصر ..


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *