رياض ناصر نوري
الأرق في نهاية النص
.................................
رُبَّما بعدَ أيامٍ معدوداتْ
أو بعدَ رَمشةِ عينٍ
بعدَ سنين... لا أعرفُ
ورُبَّما عندما ينتهي هذا الأرقُ
العالقُ في ختامِ النصِّ
ويزولُ من شرودِي
سأذهبُ...
نعم سأذهبُ كما ذهبَ الجميعُ قبلِي
فهمْ مَنْ سبقوني ..
بدونِ تذكرةِ إيابْ
سيتناوبُ الأقاربُ والجيرانْ ،
وكلُّ من ألقيتُ عليه السلامَ يومًا
على سِياقةِ المركبةِ
التي تَقِلُّني إلى تلكَ الغرفةِ الصغيرةْ
سأذهبُ إلى أبِي
سأحملُ لهُ زَوَّادةً صغيرةً
فيها كثيرٌ من ماءِ الذكرياتْ
وقليلٌ من فاكهةِ الفرحْ
وبعدَ أنْ أستقرُّ في غرفتِي الصغيرةِ
التي أُعّدَّت قبلَ ساعاتٍ
من سفرِي الأخيرْ لتناسبَ طولِي
سيحاولُ شخصانِ أخْذي ..
- كنتُ أقرأُ عنهما الكثيرَ
في كتبِ سيرةِ الأولياءِ والصالحين
-
لمقابلةِ
أبِي
ما أتوقَّعُ حدوثَهُ
أنَّ والدِي سيفرحُ في بدايةِ اللقاءْ
ويمسحُ دموعَهُ
التي كانت عالقةً
منذُ أربعينَ عامًا
حينَ تركَنا ورحلْ .. ليسكنَ غرفتَهُ
سيسألُني بالطبعِ عنْ أُمِّي وإخوتي
وعنْ أصدقائِهِ وزملاءِ مهنتِه.
أمِّي
استقرَّ سكنُها في قريةٍ بعيدةٍ
عندما كانتِ الْحربُ
في أوجِ شبقِهَا الأسودْ
وإخوتي
كلٌّ أصبحَ لهُ سكنٌ في غرفةٍ
تشبِهُ غرفَنا جميعًا .
ولنْ يسألَني بالطبعِ عن أسبابِ حضورِي
فهوَ يعلمُ أنَّ الأسبابَ قد تعددَّتْ
والحضورُ واحدٌ
بلْ سوفَ يسألُنِي
عن حالِ الناسِ هُناكْ
أولئِكَ الذينَ تحلَّقَ قسمٌ منهمْ
حولَ غُرفتِي الصغيرةِ
صَامتينْ
متمتمين
بحروفٍ مقدَّسةٍ
عندَهَا .. وبعدَ أنْ يتركونِي
وحيدًا في غرفتِي ..
بعدَ أنْ يذهبَ من تحلّق حولَ غرفتِي
لشربِ القهوةِ المرّة
أدنو وأهمُس له:
يَا أبي....هناك ..هناك
حيثُ لنْ أعودَ البتةَ
(كلُّ الرعايا بخيرٍ..
ولاينقصُ الناسَ شيء ..
سوى مِدخنة !)*
**
** **
< رياض ناصر نوري >
سورية - نهاية أيار ٢٠٢٢م
* - من أشعار :الراحل فايز خضور
.