النضال الموسيقي/ اوركسترا الساورة بحرنا
العقيد بن دحو
في هذا الجو الصيفي أين يلتقي الظل و الظليل و الهجير على مسافة واحدة .
أين تتساوى درجة حرارة الجنوب الغربي حاضرة إقليم وادي الساورة ليلها بنهارها .
اين الشمس تصير قريبة عمودية على ام راس كل من الحجر و الشجر و البشر ؛ تنبعث من
جنبات وادي الساورة كورسا او جوقة ملائكية موسيقية تمسك بالحياة و تعيد توزيعها
حسب قاعدة النغم و عدالة الصوت.غذاء الروح بعد ان من الله على الساكنة الاسودين
غذاء الجسد و الصبر غذاء النفس.
لا تسأل عن هؤلاء الرجال و النساء من علمهم العزف على وتر الحياة قبل العزف
على وتر العود ، و الكمان، و القيتار ، و القانون و جميع الالات الموسيقية الوترية
و الكهربائية و الايقاعية....!؟
انهم بالسليقة تعرفهم الموسيقى و الموسيقى تعرفهم ، حينما يضاف الإنسان إلى
الطبيعة عندئذ تبطل الإجابة التلقائي عن كل سؤال !.
منذ القدم كنا نتساءل كيف لهذه المدينة (بشار) حاضرة وادي الساورة رغم
بعدها عن الساحل ( البحر) تصنع و تبدع و تخلق كل هذه المرجان من واللالئ وياقوت بحرية!. كيف لهذه المدينة ان
تتحد مع الأسماك و الحوريات و الحيتان
البحرية الضارية ، و تتحد مع الوحش و تبدع كل هذه السيريالية من قطع الروح بين
الحلم و الحقيقة ؛ بين المستحيل و الممكن...
من انى لهم بهذا الانسجام و هذا التحليق باجنحة ملائكية ابعد منهم ، أصيلة
قحة ، على الرغم من شدة ( المحاكاة) إلا انك تلامس عبر الذائقة و الرؤية الفنية عن
اصالة الكورس ، و كانك في ملحمة (اليادية او اوديسية) هوميروسية اغريقية ما قبل الميلاد
، و احيانا تلامس انها تسامت الحداثة و ما بعد الحداثة في حبور!.
اوركسترا الساورة شكلت عن حق معنى القربى الثقافية لقد حركت فينا كوامن
الصمت و الكسل و جعلتنا نقوى من جديد. شكلت القربى الفنية و ما يسمى المصلى الادبي
للمدينة!.
اخيرا بشار تستردت عافيتها الصحية وتعافت من الرمد و الرمضاء و صارت تبصر
نفسها بنفسها لا أقل و لا اكثر!.
يكفينا فخرا صار للجنوب الجزائري بغربه و شرقي، و صارت للصحراء اوركسترا
موسيقية.... فهنيئا لنا !
غير ان الموسيقى عموما هي قصة مطولة تعزف شانها شان الفنون الاخرى!.
رجائي عند هؤلاء الخيرين ان يبدعوا اولا قصة فيها أبطال و حبكة و خاتمة
ادبية مكتوبة تعالح فيها كل أحداث الساورة ثم تتحول إلى إنتاج موسيقي...
وانظروا إلى العالم المنتج و
المبدع لاحقا الموسيقى و ان لم تجدوا عودوا إلى القصص الأدبية العالمية مثل (
اونتجون) للكاتب صوفوكل وحولوها انتم إلى انتاج موسيقي او إلى قصة اي واحد من
شعراء فطاحلة الساورة بعيدا عن العرق او القبيلة او ألجاه و حولوا قصته إلى انتاج
موسيقي .
ثانيا ليتكم تعزفون على إيقاع ماهو مكتوب من نوتات صولفيج ... و ليتها
الفرقة يكون لها قائد جوق موسيقي مرفوقا بريشة فكل شيئ على خشبة المسرح له وزنه و
ثقله الفني بمافيه الكويتية و الاكسيسوار
و الحضور و الثقة بالنفس.
اخيرا نتساءل أين وزارة الثقافة من كل هذا أين المسؤولين المعينين و
المنتخبين ...أين السيد والي ولاية بشار..اين مديرية الثقافة ؟ كونوا سببا للخير
وكرموا الرجال ، كرموا الفرقة. الثقافة ايضا من مسؤولياتكم و الفن و الأدب عموما ،
او ما جدوى عمارا و عمرانا بلا محبة و بلا ذائقة فنية... ولا سيما بشار كان يطلق
عليها ابان السبعينات شعار : " لا يخلو بيت في بشار دون عود " !.
كونوا على الأقل في مستوى تالق المدينة ، المدينة عطاؤها واضحا إلا إذا كان
حسود او عدوا لدودا ، أعطت خيرة ما
عندها من فن ورجال ؛ أعطت الفنان العربي الحاج العربي التيوتي القدير ، و أعطت
الفنان علي بودي ، و عطت عللا.... و غيرهم كثير من الفنانين و الأدباء و المفكرين
لا ينكرهم إلا ناكر و لا يجحدهم إلا جاحد.
رجاءا لا تطفئوا هذه الشمعة ابعثوا لهم رسالة دعم ورعاية و هذا أقل حقا لهم
عليكم...ليواصلوا المسير و لا سيما بالصحراء و يبدعون كل هذا الإبداع، لا تحسدوهم
و تحسدون انفسكم و تحرمون الجزائر وطنا من هذه الثروة و النعمة الروحية.
وصدق ( بول فاليري) حين قال : " هناك انصاب تتكلم و انصاب تغني"
!.
اي ان نقول إذا كان الشعر موسيقى مقروءة فإن الموسيقى شعر مغناة و المثل
صاحب على كل الفنون الزمكانية.
هنيئا لكم يا كورس الساورة ، يا جوقة الشرف الساكنة ، هنيئا لكم يا
اوركسترا الساورة فأنتم خير سفير و خير مثيل يلد مثيل... و البقية على الطرف
الآخر، و على الثقافة عموما كانقاذ ؛ لإنقاذ ما يمكن انقاذه !.