الرئيسية خواطر سليم حسين من اكثر المواقف التي تدهشني

من اكثر المواقف التي تدهشني

سليم حسين

من اكثر المواقف التي تدهشني وتصيبني بالذهول هي تلك الأوقات التي تحدق فيها زوجتي في وجهي بعينين شاردتين ذابلتين وملامح منطفئة ثم وبلكنة متوجعة تخاطبني قائلة: "إنت تغيرت كثير?!"

تصلني كلماتها حادة كالدبابيس وحارة كلفحة هواء ساخن في يوم صيفي قائظ, تنتابني على إثرها فوضى داخلية عارمة وارتباك لحظي غريب وكأنها قد قبضت علي متلبسا بجرم كبير.

في الحال اترك كل شيئ في يدي ثم أزم شفتي وقد ارتسمت على حوافهما ابتسامة صفراء باهتة كمهرج يخفق في إتقان دور استعراضي مباشر فيبرر إخفاقه ذاك بابتسامة جوفاء لا تغفر له زلته.

أمسك يديها ثم أجيبها بعبارة مقتضبة: "نعم تغيرت"

ثم أصمت للحظات لأتيقن من أن إجابتي قد تركت أثرا جميلا في قرارة نفسها وكأنني منحتها نصرا منتظرا هي في أمس الحاجة له للتغلب على فلول الشك والهموم التي اجتاحت مدائن تفكيرها.

وحين ألمح علامات الرضا قد ارتسمت على وجهها استطرد في التبرير والتوضيح والنقاش ثم أدعها تخرج كل ما في قلبها من كلام لنصل إلى تقارب نهائي يمسح ذاك الغبار المتراكم على نوافذ روحها.

في الحقيقة تمتلك المرأة حدسا تراكميا وقدرات حسية تتفوق بها على الرجل في توقع ظواهر الإدراك الشعوري ومعرفة ما يدور في عقل رجلها وقراءة أفكاره إلى حد توافقي عجيب بل أن الأمر قد يصل عند البعض إلى التنبوء بحدوث الأشياء قبل وقوعها ويعود السبب في ذلك إلى أن المرأة تتفوق على الرجل في عاطفتها ويزيد منسوب التنبوء لديها كلما كان الرجل قريبا منها وتربطهما علاقة تناغم عاطفي وألفة شديدة.

يأتي هذا الإدراك الداخلي على هيئة قلق غامض او انقباض داخلي غريب وهذا ما يفسر تنبوء الأمهات وإحساسهن بما قد يتعرض له أبناؤهن من حوادث أو مشاكل في المدائن والأقطار البعيدة.

لذا عزيزي الرجل: عندما تخبرك زوجتك بإنك قد تغيرت فأنت حقا قد تغيرت لذا لا جدوى من المراوغة في التبرير لتكذب حدسها وإحساسها...كن ذكيا واطفئ تلك الجمرة الملتهبة في صدرها.

اخبرها بما تمر به من ظروف وضغوطات في عملك بما تواجهه من مضايقات مع مديرك ومسؤولك في العمل بما يشغل تفكيرك ويعكر صفو أيامك وإياك أن تتجاهلها فتزيد طين شكها بلة.

وإن كنت تخونها مع امرأة أخرى فستكتشف ذلك من تصرفاتك الغريبة معها ومن شرودك وطبيعة حديثك واهتمامك وتواصلك بها وعليك أن تفتش عن مخرج طوارئ ينجيك من حرائق غيرتها وإن كابرت وتجاهلت اتهاماتها فستفهم تصرفك ذاك على أنك قد أفلت يدها وارتضيت غيرها بديلا عنها وستلحظ مع الوقت بإن مشاعرها قد تبلدت واهتمامها بنفسها لم يعد كما كان في السابق وتلك علامة جلية على أن الأمور بينكما تمشي في المسار الخطأ...تدارك الأمر إذا قبل فوات الأوان واصلح ما أفسدته قبل أن تخسر أستقرارك النفسي وسعادة أسرتك.

مع التنويه إلى أن (بعض) الرجال يمتلكون قدرة عجيبة في الإقناع وتفوقا ملحوظا في المكر والمراوغة واستماله مشاعر أنثاهم لنفض غبار التهم ليبدو في نظرهن بريئيين وهم مذنبين في الحقيقة وإن سألتني عزيزتي المرأة عن السبب في ذلك فسأتحفظ عن الإجابة وأخبرك بأنه لكل منا ما يميزه وهذا "سر من أسرار المهنة".

***********************

الوسوم: خواطر سليم حسين

فنون

جديد فنون

عاجل

جديد موقع علَّم نفسك