مستشار ثقافي لكل مسؤول
العقيد بن دحو
أحيانا الهفوات التي تنتاب حديث المسؤول المحلي و المسؤول الوطني من حين
إلى اخر ، تنجر عليها تبعات وعوائق مقاومة
معاكسة ، تبدو حالة فردية سرعان ما تتراكم ، و تنتشر كالنار في الهشيم ، تتولد
عليه احتجاجات و اضطرابات اجتماعية خطيرة بالاضافات تصير سياسية.
كل هذا ؛ يصبح مطلب مستشارا ثقافيا تمليه أكثر من ضرورة و احتياج.
دعنا نقر اولا ان الخطأ أصيل بالذات البشرية يمكن التقليل منه لكن لا يمكن
القضاء عليه.
وعندما يكون خلف المسؤول مستشارا ثقافيا ملما بقضايا الساعة و ما يجري
بالعالم و ما يحيط به ، يشكل اضافة نوعية. مستشارا قادرا على الاستشراف ، ويمتاز
برهافة الحس و سلامة الحواس وجودة الذائقة الفنية الرفيعة. تقلل من هفوات هذا
المسؤول و ذاك ، تلك الهفوات التي صارت تملأ فضاءات شبكات منصات التواصل الاجتماعي
مسجلة صوتا و صورة و كتابة . تؤرشف مرحلة
تنافر بين المسؤول و المواطن.
مشكلتنا ان لا أحد يريد أن يستمع
لاحد ، كل واحد يسكن راسه ، عوالم متداخلة ! حتى اذا جاء الفاس بالرأس اشتكى
المدعى عليه باي ذنب أظلم!
المهم ، كلا الطرفين ضحية لرايه الخاص ؛ لانانية دفينة في قرارة نفسه ، يرى
نفسه فوق الجميع و ان حصانته السياسية او الإدارية تمكنه من ان يقول كل شيئ و يفعل
اي شيئ !.
اشكاليتنا كل منا يدعي الحوار اسلوب عمل ، و نصف عقله عند الاخر ، لكن ساعة
الفعل ينسى نفسه و تعود حليمة لعادتها القديمة.
من الصعب اليوم ( الكرسي) يشكل حوارا ما ، بل يعتبر عقبة و عائقا لغويا بين
المواطن و المسؤول. مالم يمتاز المسؤول بثقافة إنسانية خلاقة مبدعة ، موهوبا قادرا
على صناعة الامل في انفس الخلائق .
لم تعد القدرات الشخصية الانفرادية قادرة على صناعة الامل ، مالم يشارك معه
أشخاص آخرين يشكلون ما يصطلح عليه ( العصف الذهني) !.
مستشار ثقافي املته الظروف و الضرورة
الاجتماعية صار مرافقا للمسؤول
المحلي و الوطني .
ولأن الثقافة لا تزال الطرف الاضعف في مجتمع الدول العربية و ليست من
االاولويات، يظل السيد المسؤؤل يجابه قدره عندما يصطدم و يجابه المجتمع وجها لوجه
، حين يواجه حالات نفسية مختلفة بالغالب ما تكون مرضية!.
مسؤول يفتقد لآية خلفية ومرجعية بالمجتمع ان لم يرافقه مستشارا ثقافيا يتكئ
عليه المسؤول و يتخذه سندا يعود اليه شكلا و مضمونا ، يكون على دراية بعلم (
الاتيكيت) ، بعلم الانثربولوجيا ، بعلم النفس ، بعلم الاجتماع ، بالادب و الفن.
كل الأزمات و الهفوات التي تظهرها لنا وسائل الاعلام سببها المباشر غياب
(المثقف) مستشارا.
ما يبقى بعد ان نخسر كل شيئ ، و ما يجب أن نتعلمه بعد ان نتعلم كل شيئ.
في الاخير تظل المعالجة الثقافية الأثر العلاجي لجل المشاكل التي يعاني
منها المسؤول الجزائري مع المواطن ، لو تصالحنا مع الثقافة و اعتبرناها استثمارا
خلاقا في الانسان.
ويبقى (الحوار) المنشود اس و اساس التشاور لبناء حضارة علاقات جيدة هادفة ،
تعيد الإنسان الجديد بين المسؤول و المواطن ، و بين المسؤول و المواطن و البيئة.