جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

الشعر ، الفلسفة ، و التاريخ

 

العقيد بن دحو

الشعر ، الفلسفة ، و التاريخ

===============

عند كل دورة من دورات الحضارة و الثقافة منها في شقيها المادي و المعنوي ،  تطرح مختلف القيم التي تحملها جل الاجناس الأدبية و الفنية و الفروع العلمية منها في مجرى الزمن و العصور اشكالات عدة  : إنسانية بالمقام الاول و بيئية وزمنية او تاريخية ( تين / Taine).

فإذا كان الشعر منذ المذهب او المدرسة الكلاسيكية ، الأخلاقي؛ التقليدي هو الاتصال بين ما يمكن ادراكه و ما لا يمكن ادراكه ، أين لعب فيه المؤشر " الكاتارسيزي Catharsi " الارسطي مكونا تكفيريا تطهيريا اساسيا ، و كذا (القضاء و القدر ) بالمعنى الاسطوري للكلمة البناء اللغوي العلمي في هندسة الهرم الشعري بما فيه بعده الدرامي و الملحمي قاعدته الصلبة الغنائية السخرية وقمة راسه العدالة الشعرية الغامضة ، حين يقصد بإعادة التوازن ما بين الإنسان و بيئته. منسجما و متناغما مع عناصر الكون او الحياة : الماء - النار - الهواء - التراب

لذا لا غرو ان جاءت مقولة " ستالين " : الأدباء عموما مهندسي الروح " ملح هذا البيان !

ولطالما اعتبر الشعر عند الاغريق مقرونا بالانسان الملهم او الماخوذ وكن مبدع الصور وفق المفهوم البداية أين يتحول فيها السحر الشامل او الاعم ، أين تتداعى الحواس و تتراسل الخواطر و اختلال الحواس ايضا بالكلمة : بمعنى لا يلهم دون أن يفقد وعيه. حتى قال افلاطون في حق الشعر " الجنون السماوي " .

هذا الجنون المقرون بالفوضى ، ليست الفوضى الخلاقة و لا بالفوضى المدمرة ؛ انما الفوضى  النظام غير المرئي كما قال ارسطو.

الشاعر فيها محور و مركز ثقل الخلق و الإبداع: وهو الساحر ، الرائي ، الجواب ، الهاتف ، الكاهن ، الملائكة، المقاتل او الجندي المحارب. وهو صانع رموز و إشارات و صور تسبق الكلمة و الفكرة و الحلم . أعطى للرمز قوة سحرية تداني القوة الروحية للكلمة او ما اصطلاحا عليه اسم " اللوغوس/ Logos ".

صحيح يبدأ الشعر موهبة وينتهي نابغة.بمعنى بعد مرحلة الصور ، قد تأتي مرحلة الفكر و قد يصير الشعر نقدا او فلسفة ، و قد يصير الحالم شاعرا ، ثم ناقدا ، ثم فيلسوفا. فالفلسفة هي شعرا ، و الشاعر ايضا فيلسوفا ، و الفيلسوف هو شاعر سابق لاوانه ؛ اكتفى فيه بالتعبير عن نفسه ليس بالاحلام و لا بالصور و انما بالافكار . تعهد الفكر من اضمن الوسائل للتغلب عن الغم و الوحدة.

وكما يسبق الحلم الصورة ؛ تسبق الصورة الفكرة ؛ كما تسبق الفكرة الفعل . بمعنى : كما يسبق الشاعر الفيلسوف ، يسبق الفيلسوف المؤرخ ! بمعنى : كما يسبق الشعر الفلسفة تسبق الفلسفة التاريخ!.

هذا التاريخ. تصبح للانسان ان يرى عالما مختلفا ، او ان يرى العالم نفسه بصورة مختلفة. ان يكون في الاخير فنانا مكافئا لنفسه او اي انسان آخر يهوى ان يكونه . ووسيلته الوحيدة في صنع او خلق ( الصورة) ، او ( الفكرة) ليكون شاعرا او ناقدا او فيلسوفا.

واذا ما اعتبرنا التاريخ هو حرية الإنسان حيال القيمتين الانسانيتين الخير و الشر . وسوف تكون نهاية هذا التاريخ نهاية هذه الحرية. الحالة السابقة للتاريخ مرحلة الخلق الالهي عند التكفيريين التطهيريين الاغارقة ، حين يلجا الشعر عموما و يعود باثر رجعي او وفق تغذية راجعة إلى( الميثولوجيا) إلى الأسطورة، إلى ارثه حيث يستمد قوته و سلطته الأدبية من جديد. من حيث الأسطورة " ميراث الفنون " كما يقول ( نيكولاس فريده). الاسطورة نفس جماعية لا فردية ، معين وزاد لا ينضب للافكار المبدعة ، و للصور المبهجة ، و للمواضيع الممتعة ، و للاستعارات و للكنايات . وعليه انها تهب كل امرئ شيئا ، لكنها لا تهب شيئا لاشباه المثقفين و لانصاف المتعلمين. انها لا تهيء هدايا لامعة جاهزة للمتشاعرين ليخط عليها أسمائهم، بل تشجع المواهب و من هم في طريق الإبداع و الخلق بينما باتجاهها شعرا بالمعنى المطلق للكلمة -  مختلف الفنون الزمكانية - وفلسفة و تاريخا.

 وكما يمكن (مؤارخة) الأسطورة يمكن احالة الأسطورة إلى تاريخ ، بل إلى فلسفة كما هي في حالة (ثيوغونيا / Theogonia) تاريخ أنساب الآلهة عند الشاعر الملحمي " هزيود ".

او هي كما عند الشاعر الدرامي الكوميدي الملهاتي " ارستوفانز" ملهاة " الضفادع" و هي نقد ادبي للتراجيديا الاغريقية أكثر منها كوميديا تكفيرية تطهيرية عن طريق الكوميديا. لذا بعدها علماء النقد من أقدم الأصول التقنية في الآداب العالمية.

يقول ( مالرو) : " لبناء حضارة يلزمنا تاريخ و الشبيه للتاريخ " .

الشبيه للتاريخ : كل خرافات و أساطير، و معتقدات....وطبوع و اهازيج.....وفلكلور وحكايات شعبية و غيرها.

كل حكاية شعبية تحمل قصيدة مجمدة ؛ بل وعيا و فكرا مجمدا اذا ما مستهم عصا موسى.  ليست وحده الشعر من يسري في دماء الناس و انما ايضا الفلسفة على صعوبتها و التاريخ على حد نهايته.

لذا يعود الفضل لفلاسفة الألمان القائمين القائلين بفلسفة الحياة : (شيلنج) الذي قال بفكرة الحياة ، و (هيجل) الذي قال بصيرورة الحياة ، و (شوبنهور) الذي قال بارادة الحياة .

لذا لم يك غروا ان يخشى ( برتولد بريخت) ان تظل فلسفته رهينة الذهن حبيسة الدماغ .لهذا حاول ان يجعلها تسري في كيان الإنسان ، وإن تتصل بعواطفه و مشاعره ، اوثق الاتصال ، وإن تهز روح روحه من جذورها. أن اهم عاملين يقررا مصير الإنسان هو الظرف الاجتماعي و كذا الفن الذي يعطي الحياة قيمتها.

اذن عموما لا يمكن فصل الشعر كفن زماني عن الفلسفة كام العلوم ومحبة الحكمة ، و عن التاريخ لبناء حضارة مادامت الأسطورة  يلون الطبيعي بما هو خارق للطبيعة، أدب استولدتها الاستعارة كميراث للفنون ، تماما كاحالة التاريخ للاسطورة و احالة الأسطورة للتاريخ و الفلسفة عن طريق حجر الفلاسفة و العديد من العقد الاغريقية التي هي بالمقام الاول تعالج مشاكل ذات طابع فكري سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي أكثر مما تعالج الغرائز و العواطف حتى ان أراد( فريود) يفسرها كذلك.

إذ لم يك غروا و لا عجبا ان يتخذ ( بريخت) من فلسفته تحطيم الجدار الرابع ، و نقل كرسي ( القاضي) الشعري الفلسفي التاريخي للجمهور ، جاعلا من الجمهور معادلا لتحطيم قواعد الفكر الكلاسيكي التقليدي الأخلاقي - في يوم واحد و في مكان واحد يتم فعل واحد -  مشاركا للفعل متفاعلا  في التفكير و التغيير لا مجرد متفرجا سلبيا يكتفي بالتطهير من انفعال ادران النفس.

صحيح بعد اكتشاف عصر الذرة و الالكترون و الرقمية لم تعد الفلسفة ام العلوم ، لكنها صارت تسري في اذهان الناس و في تصوراتهم العقلية بفعل التجريب و التجريد ايضا .وكذا التاريخ حين صار الشعر يكتب من ذاكرة المستقبل.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *