مسرح مات و شبع موتا و مع هذا......
العقيد بن دحو
تابعت ذات
يوم فيلما أمريكيا أين يقول البطل في نهاية الفيلم : " دع الميت يدفن الميت
" !.
والله لم
أفهم شيئا لهذا الذي يسمونه مسرحا!.
جل المنظمين و الباحثين و النقاد في فن المسرح ؛
ابي الفنون / الفن الرابع - تعددت الأسماء و الأسباب و الموت واحد - و مما قبل التاريخ / قبل الميلاد ، منذ العصر
الذهبي الاغريقي الكلاسيكي الى يومنا هذا
يشيرون إلى أن المسرح انتهى ؟ مات و شبع موتا و لم يسترد بريقه الفني و
الادبي حتى لو بعث الإله( ابولو) آله
المسرح من جديد. و التلات الأرض بالابطال و انصاف الآلهة و الالهةمن جديد و عاد
المسرح كمؤشر فرح من أعياد( ديونيسيوس).
يتخذون هؤلاء
المفكرون و النقاد و الباحثة من ملهاة " الضفادع" الكوميدية للشاعر
الدرامي " ارستوفانز" مضرب نموذجا ومثلا .
واذا كان
لزاما ان نحدد بالضبط تاريخا لنهاية المسرح كوحدة قياس هو القرن (-405 ق.م) ؛ يوم
قدمت للجمهور .
ملهاة "
الضفادع" بامتياز كانت تحاكي نهاية المسرح، يوم ان مات رجالاته الاساسيين و
لا سيما رواد الدراما التراجيدية ، و بالضبط من خلال الفقرة التي تنص : " حين
ذهب الإله ديونيسيوس إلى العالم الاخر ليسترد واحدا من الشعراء الثلاث : صوفوكليس
، يوريوبيدز ، اسخيلوس لم يك قد بقي واحد منهم ، ذاك ان الماساة اليونانية انتهت
بموت الشعراء الثلاث ".
الان تأكد
للعالم بما لا يدعو مجالا للشك ان المسرح لم ينته فحسب بل مات إلى الأبد مند ذاك
العصر الذهبي فما بالك بهذا العصر الخشبي!.
اين موتته
تتجسد يوميا على سطح خشبة ، ذات لغة خشب ميتة بدورها ، و قاعة ميتة تسكنها الاشباح
لجمهور أكثر من رجع صدى ميت بدوره مات...!
لقد مات
المسرح " الاثيني" الهوميري الجميل بموت شعرائه الثلاث العظام.
فبامكان ان
نتساءل ما الذي يريده هؤلاء (...) عندنا ان يبعثوه لنا من خلال هذا الميت (....) ،
و لا سيما بعد ان قضى و استشهد فرسانه الثلاث
عندنا في الجزائر : "عبد الرحمان ولد كاكي" عن المسرح الجهوي
مستغانم ، " عبد القادر علولة " عن المسرح الجهوي وهران ، و " عز
الدين مجوبي" عن المسرح الوطني؟ .
ما الذي بقي
عندئذ لهؤلاء ( الاموات) الذين يريدون إقناع ما تبقى من أحياء... بأن الذي يجري
امامهم مسرحا حيا ؟!.
اللغة، و لا
نص ، و لا زمان ، و لا مكان ، و لا اية وحدة من وحدات ارسطو الارسطالية.
ما الذي
يريدونه هؤلاء الأموات على شاهد قبور مجهولة الهوية و الجنس و النسب ، ظلت ترمز في مجرى الزمن إلى العدم ؛ إلى الفناء
!؟.
دعنا نقولها
صراحة: المسرح انتهى ؛ بل مات بموت ابطاله و فرسانه .
وما بقي الا
عيال ، صبية صغار ؛ يافعين فيىطور سن المراهقة حالتين، ام يللغوا بعد سن الراشد
يبحثون عن لعبة تحقيق الذات ؛ لعبة (عسكر) و ( حرامية) !.
اما الذين يتاجرون في الوهم و الوهن هم مجرد
متسولون طروبادوريين يرددون قصص الأموات للاموات و هي رميم !.
بعد ان خسرت
تجارتها مع الحياة و الأحياء و مواهب الفن الجميل و الخلق و الإبداع الاصيل. هاهم
ينتقلون... و يتخندقون...يتموهون مع الأموات بامكان تليق بسمة رجل ميت ، لعلهم
يجدون في العالم الاخر (هيديز) ما لم تجده ملهاة الضفادع....!.
هاهم كالذمامل
، كالفطريات ، كديدان الارض يستيقظون من سبات رطوبة الأرض، و يحولون وفق يد ( ربات
النقمة) كل من لمسته يصاب بالزراية و العفن و تحل عليه لعنة حرمة اموات المقابر !.
او كيف نفسر
هذه" التقسيمات " التي مست المسرح بالصميم على حسب الجغرافية و ليست حسب
الفكر او المذهب الفني ، فمرة مسرح الجنوب و تارة اخرى مسرح الصحراء و اخرى مسرح
الشارع... و إلى لست ادري !.
ماذا كان يهم
الشاة بعد سلمها؟.
و ما كا كان يهم او يفعل الميت في يد الغسال ! ؟
فلكلور...فكلور...فلكلور...
شبيه بتلك
المهرجانات الكرنفالية التي تنهية مخرجاتها بتوصيات بذل الوقت الميت .
الله يهديكم
!
اللهم ان لم
تعودوا تطيقون التمييز بين ما هو حي و ما هو ميت ، و الحي خير من الميت فذاك شان
آخر.
انتهى المسرح
و جاء عندنا ميتا ، ميتة اكلينيكية ، و هاهم الموتى يحاولون ان يعيشون ؛ ان يمهلهم
بعض الوقت حتى يتسنى يكتب وصيته ارثه عليهم وبعده فليذهب إلى الجحيم !.
مات المسرح
في العالم ناهيك عن الجزائر ، فلن تجدوه لا بالشارع و لا في الصحراء و لا تحت اي
اسم ميكيافلي بافلوفي ماكلوهاني الذي سميتموه انتم و اباءكم.
دعوا المسرح
ينام في هدوء و سكينة رحمته ، و في سلام ، بعيد عن أحياء موتى يريدون تكريس مبادئ
تكافؤ الفرص قي الموت كما هي في الحياة!.
اعلم في
الاخير اني لا أستطيع أن اغير فيما يكون قد تقرر ، لكن يكون في مقدوري ان اردد
مقولة الفيلم الامريكي في صمت وسمت : " دع الميت يدفن الميت "
ودع الفشل
يجر الفشل !.
مادام الجميع
لا يريد أن يسمع و لا ان يرى و لا ان يتكلم !.
اللهم لا
نسألك رد القضاء و القدر لكن نسالك اللطف فيه.
هؤلاء قومي
لا يسمعون الا لانفسهم ، و ليس امامي الا قول رئيس الجوقة / الكورس اليونانية في
نهاية مأساة " اونتجون" للشاعر الدرامي التراجيدي " صوفوكليس
"
- " ان
الحكمة لاول ينابيع السعادة ، لا ينبغي أن نقصر في تقوى الآلهة. غرور المتكبرين
ليعلمهم الحكمة لما يجر عليهم من الشر ، ولكنهم لا يتعلمون الأبعد فوات الوقت و
تقدم السن " .