جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

العقيد بن دحو

أزمة الجمهور

===========

* - " انا اعرف جمهوري لذا انا اكتب " / (شارل بيتو دوكبلو) 1751.

لم تطرح قضية حضور الجمهور من عدمه ، و بحدة بقدر ما تطرحها اليوم  ، ان تدخل او تستدعى إلى أي قاعة من قاعات المرفق الثقافي ، تشعر مع أول خطوة لك  كانها ضربت بقنبلة من مخلفات الحرب العالمية الثانية !

نا هيك على ان لا شيئ في وقته ، و الوقت صار من خشب ينتظرون الجمهور ومع ذلك لا يأتي....... ، يحضر المحاضر، الأدباء، الفنانون في دهشة وحيرةو حسرة من امرهم و كان الطير على رؤوسهم. يلتفتون ذات اليمين و ذات الشمال لعلهم يرون أحدا ....لا حياة لمن تنادي !. وحدها الكراسي ( الفارغة) من مختلف الألوان و الاحجام يحتلون الصفوف الامامية و يملكون الفراغ ، بل يصبون على من حضر اكبر عملية تفريغ تشهدها الثقافة.

اذن كل ما في الامر هناك أزمة ما ، كون المشهد الأدبي الثقافي الفني لا يمكن باي سبب كان ان يلغي الجمهور من حسابه او يقلل من حجمه او دوره السوسيولوجي الاتثربولوجي.

الجمهور حلقة مهمة من حلقات تواصل و اتصال هذه الجلسات مهما تعددت اسبابها.

ان كل حدث ادبي يفترض وجود مؤلفين وكتب وقراء، او بقول اعم يتطلب وجود مبدعين وجمهور واثار.

واذا كان يطرح وجود أفراد مبدعين مشاكل في التاويل النفساني و الاخلاقي و الفلسفي ، كما تطرح الآثار مشاكل جمالية اسلوبية لغوية  تقنية.

اما وجود الجمهور يطرح مشاكل ذات طابع تاريخي وسياسي و اجتماعي بل اقتصادي عامة.

هذا يقودنا إلى البحث عن الفردوس المفقود لأي أديب او فنان او مثقف ؛  الجمهور المكون البحث عن الأصول الجغرافية ، و كذا البحث عن الأصول الاجتماعية - المهنية. إلا أن من الجغرافية تنزلق بسرعة نحو الاقليمية و من الاقليمية نحو العنصرية.

ان اي كاتب او أديب او فنان او مثقف او مفكر من المفروض عندما يكتب يستحضر في ذهنه جمهورا ما. وعن مكمن الداء و الأزمة ان الجمهور المخاطب ( بفتح الطاء) لا يوافق و الجمهور الموجه اليه الحوار الأدبي الفني الثقافي. وبالتالي يسقط على الجمهور ما يشبه سقط المتاع ، لا سيما عندما لا يجد صاحب الأثر المبدع من يعرفه ، و ان الحوار لا يلزمه في شيئ. بمعنى لا يرى نفسه فيه ، لا في المبدع صاحب الأثر و لا في الكتاب او ( الانتاج) الابداعي. يقترب الجمهور ، و يهجر القاعات كما تهجر الطيور المهاجرة مواقعها الجغرافية إلى مواقع اخرى اكثر رغدا و تكيفا ، كما يهجر الفلاح ارضه التي لم تعد تنجب شيئا فدائما هناك أرض اخرى يمكن أن تحرث كما ورد في الأثر الاغريقي الكلاسيكي التقليدي الأخلاقي.

المبدع الخلاق المستشرف لعمله وهو يكتب يستحضر جمهوره الذي يعرفه معه ، و يباشره بحوار وليس دائما مجانا ، انما حوارا يسعى لان يؤثر ان يقنع او يعلم او يعزي او يحرر او يبعث الياس او الالم ، ان يعلم و ان يمتع و ان يهز.

ثم ان هذا الذي يسمونه جمهورا ليس كتلة واحدة ، انما هو مقسوم ومشعب الى فرق اجتماعية وعرفية و دينية ومدنية وجغرافية و تاريخية ومدارس فكر وجماعات ادبية.

اذن كل ما يمكن أن نقوله وانت اليوم تستدعى لأي ملتقى فكري او ادبي او فني عليك أن تستدعى في خيالاتك قطاعات فارغة و كراسي في الصفوف الامامية فراغ الفضاء الخارجي من اي غلاف جوي ، مما تنعدم الجاذبية الأرضية و الوزن الثقلي للاشياء !.

يستولي عليك الخجل و انت مجرد فردا من جمهور كان محتملا...، ناهيك ان كنت محاضرا او القائم بالامسية او القراءة.

ثم ليست وحدهم القائمين بالتنظيم او الجمهور مسؤول عن هذه الأزمة.

عن هذه القاعات بالمرفق العام التي شيدت بعرق ودماء العشرات العمال و باموال الخزينة العمومية ليصبح عليها إثم و عذاب التفريغ بهكذا الشكل.

الهيئة الوصية ايضا مسؤولة عن الأزمة، كونها لم تحاول أن تشخص الداء و تضعه على سرير المعالجة الثقافية الاكلينيكية. كما أن لم نشاهد هذا في قطاعات اخرى سياسية اجتماعية اقتصادية أين تملأ القاعات إلى آخرها.

اذن التشخيص اولا...ثم العلاج...ثم النقاهة... ووضع كاتبا في المجتمع و العكس صحيح

ان الكاتب و القارئ ( الجمهور) طرفان في قضية واحدة. إلا أن غياب الجمهور يكون السبب المباشر في فقدان التوازن.

ولأن مقياس سوسيولوجية الأدب بعيدة عن جامعاتنا و معاهدنا يظل و يبقى الجمهور الغائب الأكبر دون من يضع اصبعه على الجرح و يوقف النزيف و الألم.

ومع هذا يستمر المتدخلون في طرح قضاياهم و كان ما هو امامهم من فراغ جمهورا

انا اعرف جمهوري لذا انا اكتب ، لو كانوا يعرفون هذا المال ما وقفوا مثل هذه الوقفة على رجل واحدة او جلسنا مثل هذه الجلسة كما هم في ذاتهم يطرحون الأسئلة و يجيبون عنها ، يطرحون اللغز و يفكونه : بعيدا عن الجمهور الذي اغترب بدوره مرتقبا منتظر صافرة النهاية.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *