جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

الأدب و الصحافة مجددا

 

الأدب و الصحافة مجددا

 

العقيد بن دحو

 

وكان  قضاء و قدر الأدب، و قضاء وقدر الصحافة ان يظلا طرفان في قضية واحدة الى ان يرث الله الارض ومن عليها. مهما بعدت المسافات و اختلفت بهم الأزمنة و الأمكنة، و الجنسيين الأدبي و الإعلامي معا.

حتى القرن الثامن عشر كانت الناس لا تقرأ الصحف و المجلات و الجرائد الا اذا تضمنت احدى صفحاتها شيئ من الأدب او اخبار الفن و الثقافة و الفكر .

هذا يعني أن الأدب خلاص ، انقذ الصحافة من ترسبات و ستاتيكية الخبر مشهدا مقدسا و تعليقا واجبا ، و ان فكرة ( السلطة الرابعة) التي منحت للصحفي ، و لقب صاحبة الجلالة مجرد اكذوبة تاريخية مدونة، و مسكرة ليس أكثر. وبأنه صار صاحب سلطة( منزوعة الصلاحيات) ، لم تعلو فوق الأدب الذي صار بدوره كذوبة فنية ، سلطة ( المانا) / (Mana) ، ومنه جاءت فكرة و فلسفة ( الماناليزم) / Manaleisme .

لذا لا غرو ان صار للثقافة عموما احدى الخصائص و الركائز المكين المتين ، ان صارت ( انقاذ) !.

بل ما يجب أن يتعلمه المرء بعد ان يتعلم كل شيئ ، و ما يبقى له بعدةان يخسر كل شيئ !.

لم تتأخر بدورها الصحافة في رد الجميل للادب ، عندما خفت وانخفض صوت الاديب وذهب ماء وجهه جراء الفرقة و الحاجة ، و ضربت عليه السكنة و الذلة، جراء الحروب و الاوبئة و ظلم الأنظمة الديكتاتورية، و من جميع الاجناس الأدبية و الفنية ، و جميع المذاهب و المدارس الثقافية و الفكرية و لا سيما جنس الرواية.

فاعتبارا من 1948 بباريس سيطرت الرواية على الحادثة اليومية ؛ الحدث ؛ و الأثر الذي يخلفه الحدث ؛ و ما بعد الحدث ، و كذا التحقيق الصحفي. حيث اعتبر الأدب تعبيرا وصايا للحياة. وهكذا استطاع الرعيل الأول ان يفتك الرواية من بين أيدي المفكرين و المغامرين و المعلمين . اي من قضايا و كليات وجزئيات الفلسفة و الآثار الملتزمة ، إلى قد تراها اليوم في أيدي الصحفيين او كتاب التحقيقات الصحفية.

اخيرا أصبح الروائي بفضل المادة الصحفية التي صار يقتات منها سردا و سبرا وأسلوب ولغة  فنانا. فقد كف عن مجاراة التاريخ و الوضع المدني ، و الحكاية ، لكي يحوز على رؤية خاصة للعالم ، تضاهي رؤية الرسام او النحاث او الصحفي او الشاعر او المؤرخ او الفيلسوف او الرائي او الكاهن او الساحر او الجندي المقاتل.

وكما ان الرسام يرى بالألوان، و النحاث يرى بالحجوم ، و الشاعر يرى بالكلمات ، و الفيلسوف يرى بصور الأفكار ، و النحاث يرى بالحجوم فإن من شان الروائي ان يرى مما يرى الصحفي بالانطباعات المعاشة او كما كان يسميه ويدعوه  علم النفس : " وقائع الشعور ".

 وهكذا كما قال " نابليون بونابرت" سنة 1792 : " ان صحيفة واحدة تعادل مئة حرب " !

انما ايضا رواية واحدة تعادل مئة حرب ، ومئة حرب تعادل رواية واحدة.

فالادب عموما هو مرض الأدب، وهي ايضا مرض الإنسان؛ من حيث الإنسان هو مرض الصحافة ، هذا الإنسان الذي لا يكفيه ضميره ، بل يغريه انتهاك ضمائر اخرى ويجعله يعيش حيوات اخرى. ان الرواية على اعتبارها فن ادبي جاءت كبديل الموت ، انها تثبت مصيرا ما ؛ لكنها تثبته في صمت السمت ، لقد حلت محل الأبدية في مسرد رتيب يتكرر.

يبقى اخيرا وليس اخرا أقوى دور تلعبها الصحافة المقروءة و المسموعة و المرئية و حتى منصات شبكات التواصل الاجتماعي حاليا اذ تؤثر على الجمهور المثقف وغيره ايضا بواسطة المسلسل او الاقتباس او الفيلم او الرواية المصورة.

وصلت مختلف التجارب ان قصة متسلسلة شهيرة تصدر على صفحات جريدة مصورة او إلكترونية في الإذاعة او التلفزيون على حلقات تفيد جدا لدى الدائرة الشعبية.

واهمية الصحافة هنا مرئية او مقروءة او مسموعة او إلكترونية او من منصات شبكات التواصل الاجتماعي ،  في إدخال و ادماج الأثر الأدبي إلى الدوائر الشعبية ، انها توسع قراءة ما( المقروئية) ، وتجعله في متناولهم اليومي.

ودون شك نقص هذه الوسائل ، ان فعاليتها تبقى من جهة واحدة. دون تدخل مباشر في جمهور يبقى سلبيا من هنا ، ان هذا ، ببقى ادبا مميزا.

اذن لا يمكن استغناء الأدب عن الصحافة و الصحافة عن الأدب، فكما انقذ الأدب الصحافة في يوم ما ، ها هي الصحافة بشقيها الخفيف و الثقيل ؛ التماثلي منه و الالكتروني يتقذ اليوم الأدب و يخرجه من الدائرة الثقافية الضيقة المتنازعة إلى الدائرة الشعبية الموسوعة الاكثر رحبا و حبا وتالفا وتازرا.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *