حان الأوان لتغيير اسم " محافظ" بالمهرجانات الفنية الثقافية
العقيد بن دحو
جاء اسم مهرجان من مرسوم تنفيذي رقم : 03 - 297 المؤرخ في 12 سبتمبر / 2003
. القاضي بتعيين لكل مهرجان ثقافي محافظ يتم اختياره من بين الشخصيات البارزة في
الميدان الثقافي. يعين وزير الثقافة بقية الاعضاء......
كان هذا جائزا و ممكنا ، و الجمهور متفهما للوقت الذي تم فيه إقرار هذا
المرسوم ، القاضي بتعيين ( محافظ) لكل
مهرجان. يوم كانت وزارة الثقافة و الفنون حاليا هي " " وزارة الثقافة
" فقط. و لو ان كان يفضل اسبقية(
الفنون) عن ( الثقافة) لان الفن منذ الحضارة الاغريقية ؛ بل قديم قدم الإنسان في هذا الوجود عن الفكر و الثقافة .
ولأن الجزائر عرفت فترة عصيبة دخلت فيها عصر ( العواصم الثقافية) . أين بعض
الولايات المحظوظة و غير المحفوظات نالت ما نالت من هذا (التحفظ) ليكتشف في ما بعد
حجم الفساد الهائل الذي كاد ان يفسد بالبلاد و العباد ، بالحجر و الشجر و البشر .
حينها صار لكل ( عاصمة) من هذه العواصف " محافظ" التي لحقت بدوره
الزراية و أصبح كل من لمسه يتحول إلى مشكوك فيه أو مشتبه فيه....!
وهكذا دخلت الثقافة عصر الفوضى
الثقافية ، أين اختلف الفعل الصحيح بالفعل المعتل ، و أين تساوت الموهبة و الإبداع
و الخلق بالفساد و حجم التدمير الهائل ، حيث صب على الجمهور صب فراغ رهيب لم يسبق
ان صب على الشعب و الجمهور معا منذ تاريخ استقلال الجزائر إلى اليوم . وما صاحب
هذا من تفكك الجمعيات و الاتحادات و أصبح وجودها من عدمها سواء. كما صاحب الظاهرة
النشر العشوائي و ما صاحبه من ( استعجال) في كل شيئ ، أدب استعجالي ، فن استعجالي،
فكر لستعجالي ، نشر استعجالي و لقاءات داخل الوطن و خارج الوطن استعجالي ايضا و
بلا ذائقة فنية و لا جمهور .
نتج عن كل هذا ما نتج بعد الحراك ، ان حوكم لاول مرة افراد من قطاع الثقافة
بتهم فساد ، في حين كان هذا القطاع في غنى عن كل هذه المتابعات القضائية و ما نتج
عنه. كان من المفروض ان يظل انسانيا مرتبطا ارتباطا عضويا ( غرامشيا) بالثقافة و
الفئة القليلة المتبقي المبدعة و الجمهور و كذا مسؤولية اتصال الفكرة و المعلومة
الثقافة إلى الدوائر الشعبية.
مما نتج عن هذه فوضى العواصم و الحافظين ، اختلال التوازن ما بين الإنسان و
البيئة او الإنسان و المحيط.
صحيح نسمع من حين إلى آخر في بعض البلدان الشقيقة العربية على ان ولايات
بلدانهم يحكمها نظام ( المحافظات) ، و كنا ابان الثمانينيات يحكمنا الحزب الواحد
ذو الراس ( المحافظ) ، على رأس كل محافظة
في ولاية من ولايات القطر الجزائري ، و نسمع عن محافظ البنك الجزائري ، و محافظ
الغابات.... و غيرها من المحافظات و الحافظين الآخرين.
قد نكون متفهمين عنه في بعض القطاعات الإدارية او المتعاملة تجاريا او
اقتصاديا لكن ان يصل إلى( القيم) إلى الثقافة ، و إلى الفن و الفكر هذا ما لم يكن
يفهمه الجمهور الجزائري حتى لا اقول الشعب ، كون الثقافة قضية ( بعض) و ليست ( كل)
!.
واذا كان لغة : نؤمن بالحكمة القائلة : " الحفظ غيبا ليس الحل "
!. ومنه اشتقاقا لغويا يقابلها و يطابقه اصطلاحا و فيلولوجيا ( فقه اللغة) مصطلح
" محافظ" لم يعد في ظل الجزائر الجديدة و الحكم الراشد يليق بمهرجانات الجزائر
الفنية الثقافية التي تجري هنا...وهناك في ربوع الجزائر و من دون تقييم او تقويم و
لا حتى أثر رجعي او تغذية راجعة ، أين يصحح فيها خطأ ما و يؤكد فيها معلومة و لم
ولن يحل اي مشكلة ثقافية ظلت عالقة و مؤجلة حتى اليوم .
ثم عالميا و سائر الاتجاهات الحديثة و ما بعد الحداثة نظام المحافظات
مرتبطة اكثر بالملفات و الأوراق في ظل عالم افتراضي صار فيها الرقم و الرقمية و
التكنولوجيا الذكية ، و شبكات التواصل الاجتماعي عمودها الفقري و رهانا خلاقا تعمد
اليه الامم الراقية . بينما الملتقيات الحديثة صارت تسيرها المجالس و على رأس هذه
المجالس قائد يسمى رئيسا و ليس محافظ، له ارتباطات أكثر بالجانب الانساني أكثر منه
شيئ آخر، أين يسلط على المشاكل و العراقيل المادية و المعنوية طيلة ايام المهرجان
ما يسمى " بالعصف الذهني) ، أين يقسم الجماعة التي يديرها او يقودها او
يتراسها او مانجمانت - و ليس محافظ- إلى مجموعة من الافواج الصغيرة كل منها يدلي
برايه على ان تحل المشكلة في شكل مخرجات حوصلة اجمالية و ضمن مكون وطني قومي شامل
كامل اعم.
جميل أن يكون للجزائر مهرجانات داخل الوطن و خارج الوطن عبر الجهات الأربع،
لكن الأجمل أن تسمى الأسماء بمسمياتها مع
مراعاة العصر التي جاءت فيها.
فالقوانين و المراسيم و كافة المساطر ليست قضاء و قدر تظل إلى الأبد، ينبغي
من حين إلى آخر تحيينها. و كذا تفويت الفرص على أولئك الذين يهوون اصطياد
الألقاب(...) ، لقب محافظ مستغلين غياب المثقف و الفنان و الكاتب و الاديب لظروف
املتها اللحظة التاريخية.
لكن يظل الامل قائما فينا ، مادام لا يزال الخيرين في هذا الوطن لا
تستهويهم لا مكاسب و لا مناصب و لا جمع غنائم و لا استنسار بذل الوقت الضائع ، فقط
هم هكذا ... كالسلف الصالح أبا عن جد يضحون و يسافرون و يتركون الأثر لا ظهور و لا
قسم ظهور ؛ من اجل ازدهار الجزائر دولة و
شعبا و حكومة.
كون ليس لنا الا هذه الثقافة الغنية بأهلها و ناسها واصالتها و معاصرتها و
آخرين يريدونها فقيرة ماديا و معنويا ، من حيث الفقر دية الكسل ، و يريدون الحفاظ
على الوضع كما هو عبر محافظات فاشلة و محافظين أكثر فشلا لمهرجانات و ملتقيات
ناجحة لو تمكنت من إنسان ناجح يعرف كيف يجر النجاح ؛ و من حيث : النجاح يجر النجاح
كما تقول الحكمة.
و " الخيل الأصيلة تعرف فرسانها ما هوش اللي جابها " كما يقول
المثل الشعبي الجزائري .