جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

الأمن الثقافي

العقيد بن دحو

يتطلب وجود وديمومة اي دولة على محوري السياسة و الجغرافية، و في ظل الانبعاث الحضاري الحديث هذا الذي ضرب بكل الوحدات الكلاسيكية و بكل الحدود ، و جعل المواطن من جديد في صلب العملية الامنية و الائتمانية  الجيواسترانيجية منها.

ولما كان الأمن هو الأساس و الاس في مكون الدولة الحديثة، صار الحديث مؤخرا عن الأمن الاقتصادي ، الأمن الاجتماعي ، الأمن السياسي وكذا الأمن الثقافي قولا معقودا على عمل وفكر وفعل.

الأمن و الثقافة طرفان متلازمان في قضية واحدة اذا ما صار الوطن في خطر.

يتطلب اليوم اي حكم في دولة ما ؛ و على اعتبار الحكم عند الاغريق بالكنز /  Le pouvoir c'est un tre'sor

تامينا وامنا عاما وخاصا ، وعوامل اخرى تتحكم بنموها الإقتصادية و سلامتها العسكرية في حدود انتشار التسامح الدولي و السلام العالمي المنشود كالارض و الجو والموارد و المواصلات وجل النشاطات التي يقوم بها البشر المادية و المعنوية ، و كذا المادية و اللامادية منها ، و كذا البنيات الفوقية و التحتية وصلتها و محور ثقلها الثقافة على هشاشتها كما هي في ذاتها ؛ و كما تريد لها بعض السياسات السياسوية ان تظل عليها لاسباب  او لاخرى اكثر منها شيئ آخر. وعلى اي حكومة مستشرفة للحظة الفارقة  ان تأخذ الجغرافيا و السياسة بعين الاعتبار عليها ايضا ان تنظر إلى عتبة التوازن، عند تنظيم دفاعها، وتوزبع مواردها ، و هندسة او تخطيط اهدافها الاستراتيجية اللوجستية الثقافية و كذا التعلمية منها التعليمية كاحتياط او جدارا خلفيا تتكئ عليه الدولة كلما شعرت بالخطر يهددها.

اذ كثيرا ما اعتبر الأمن الثقافي ما يبقى بعد ان تخسر الدول كل شيئ.

وما يجب أن تتعلمه الدول بعد ان تتعلم كل شيئ.

وهكذا... كما تحتاج وجود اي دولة إلى طاقة العمل ، و إلى الأمن و الاستقرار على جميع القيم ، كما هي في حاجة إلى نظام ووحدة ؛ و حرية و مساواة وعدالة اجتماعية.

في مجرى الزمن و في مجرى التاريخ علمتنا جل الحضارات الإنسانية كيف للأمن الفني و الادبي و الفكري و الثقافي ينقذ دولا و انما وأحيانا من التسيير و العطالة السياسية. يبث الوعي في انفس المواطنين و يستنهض الهمم مجددا على تقوية اواصر جدها وكدها مجددا رغم الآلام و الجراح و الحزن العميق.

علمتنا الحضارة الاغريقية ان الشعب الاغريقي العظيم لم يبكي قط في حياته ؛ بقدر ما ابكته ماساة وتراجيدية (ميلوس حبيبتي) لقد قال المؤرخون للميثولوجيا الاغريقية ، حين جسد لاول مرة الكاتب الشاعر الدرامي ماساة ( ميلوس حبيبتي) ضجت الجماهير بالبكاء ، بل كان يسمع نواحهم وعويلهم لمسافات بعيدة. حزنا و الما على  مدينتهم من طرف الفرس الذين كانوا يسميهم الاغريق " بالبيسيستراس " / اي اPicisstrasse البرابرة. بل لم يتوقف هذا النواح و العويل من لدن الشعب الاغارقة العريق ؛ الا عندما تدخلت الحكومة الاثينية وفرضت على الشعب غرامة مالية قدرها 100 دراخما؛ كما نوفي شاعرها ( اسخيلوس) الجميل الى ايطاليا. وعلى الرغم بأن الفيلسوف افلاطون كان لا يحب المسرح الا ان قال مقولته الفلسفية الخالدة الشبيهة بالشعر و الالم و الحسرة و الشجن الشديد : " انا مستعد لاسافر لإيطاليا؛ لاشاهد (ميلوس حبيبتي) و الدموع تنزل من عينيه عبرات... عبرات !.

وهو القائل : إذا أردت أن تبكيني ابكي انت اولا ! .

وهكذا عندنا يبكي شعبا بأكمله عن الاغريق كان الإله هو من يبكي ايضا.

ان الزمن لاله رحيم !.

الشاعر الدرامي التراجيدي ، رغم أن الدولة عاقبته الا انه نبهها إلى قيمة إنسانية نبيلة مسكوتا عنها عن قصد او عن غير قصد الا وهي الفكر و الثقافة بالمعنى الحالي للكلمة . و على رغم كيد السياسة على الدولة الديمقراطية او من تناشد الحضارة الديمقراطية و ضمن حدود الحرية و المساواة ان تراعي إلى القيم الاخرى إلى الفن الزمكاني ؛ و عادات و تقاليد ودين و لغى الشعوب التي صارت فيما بعد تمثل الثقافة بل الأمن الثقافي!  هذا الذي لم تبكيه نائبات الزمن وتقلبات الظروف و لا ماسي الحرب ، و لا الاوبئة و المجاعات و خيانة الجماعات، ولكن ساعة ما رأى نفسه الداخلية بالمرأة( المسرح) انهار سيلا من البكاء و الالم ، و أيقظ فيه مجددا الضمير الفردي و الجمعي، كما ايقظت فيه الحضارة الديمقراطية الحرية و المساواة. فمركز الفرد في المجموعة هو في اساسه حريته ، اما علاقته مع الافراد الآخرين او الجماعة فهي في أساسها المساواة.

فالامن الثقافي بقدر ما هما فكرتان سياسيتان ؛ بقدر ما يكون فكرتين اجتماعيتين ؛ تتاثران بنوع الحكومة ونشاطها ؛ بقدر ما ترتبط ارتباطات عضويا غرامشيا ؛ ميكيافليا ماكلوهانيا في نفس الوقت بتاثرات التكتلات و الكارتل و ما شابه.

ان المسرح كما جاء في رسالة المسرح العالمي لم يعد لهوا ولا ترفا...يبدو انه بدا حياته هكذا....لكن التطور الثقافي و الحضاري جعله ثقافة و حضارة ؛ اما اليوم فهو توعية...تعبئة...أمن..وسلاح.

ولطالما اعتبرت الثقافة كذلك إذا شعر الشاعر بخطر يلم وطنه؛ يستخدم شعره كسلاح.

وكم هي التجارب الانسانية التي علمنا اياها التاريخ أبطال احداثيات و احداثياتها كانوا كتاب وفنانين و مثقفين لم يقدموا حبر كتاباتهم او ألوان لوحاتهم الفنية  او حجوم منحوثاتهم او ايقاعات  مسرحياتهم او احبال اصواتهم الغنائية و الموسيقية فداءا لاوطانهم ، و انما قدموا ايضا أرواحهم قرابين عز و شرف على مدبح الحرية في سبيل استرداد كرامة الأرض و العرض. كما هم في جل المدارس و المذاهب الادبية و الفنية من الكلاسيكية إلى السيريالية إلى الوجودية....

وفي الاخير لم أجد امامي الا هذا البيت الأندلسي على من ضيع وطنه كما ضاع على العرب الموركسيين قصر الحمراء و سائر القصور الاخرى بالألوان و بغير الألوان:

اتبك وطنا كالنساء

لم تخافظ عليه كالرجال !.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *