الكومبارسية
العقيد بن دحو
تعود فكرة الكومبارسية إلى المسرح بكل ابعاده و مذاهبه ومدارسه.
وهي عندما يقوم الممثل بلعبة دور البديل ؛ لمثل اصلي يلعب الدور الأساسي
ويقوم عليه جل الفعل المسرحي الدرامي التراجيدي و الكوميدي منه.
"الكومبارسية" نسبة إلى الكومبارس لفظا و لحظا و اشارة ؛ و
عرسها( الفارس) البطل.
كان هذا في المسرح ، و بما ان الحياة مسرحا صغيرا ، صار ما يميز الكومبارس
بالمسرح يميز الكومبارس بعين الواقع.
عندما يلجا المخرج إلى تنظيف ممثلين غير اساسيبن ، يقومون بادوار ثقيلة او مضنية على الممثل الأصلي او الأساسي،
سواء تتكيف باطراح الحياء او انها يقوم بأعمال عملية.
العجيب ان الكومبارس موجود بعين الواقع ؛ خلال حياتنا اليومية كما تجده في
التجمعات البشرية تجده ايضا في الفن و الأدب ز الثقافة.
واذا كانت أفعال نبيلة بالمسرح فهي مشينة بالواقع.
تسمى الظاهرة بالكومبارسية ، حين بلجا شخص معين بكامل قواه العقلية ينوب
مقام شخص رئيسي بعينه.
متملقا ، متمسحا على عتبات مقامه ، مغطيا لافعاله التي قد يلجا اليها
متعمدا في صراعه مع أشخاص آخرين!.
صراع من اجل مكانة اجتماعية او منصب سياسي او ثقافي او اقتصادي او اجتماعي.
فهو الكومبارش بمثابة الاخير المجاور ليوم بهذه الأفعال، بينما يظل الفاعل
الحقيقي بكواليس الحياة مختفيا يحرك خيوط اللعبة (...) المسخرة سلفا !.
يبدو الكومبارس من خلال الفاظه ؛ من خلال حركات، و من همسه ؛ غمزه؛ لمزه.
من خلال تدخلاته بل قد يلجا إلى تدخلاته العضلية. من اجل سيده الفارس ، الذي يظهر
للجمهور بأنه الحكيم ؛ الشفيع ، الوريث ؛ المخلص لا يشق له غبار.
تبدو الكومبارسية صارت حالة عند البعض . أرادوا طبعا؛ بعد ان ادركوا قطار
عمرهم الأدبي الفني الثقافي فاتهم دون رجعة ، فما بقي لهم الا ان يفسدون الزرع و الضرر
حتى لا يظهر أحدهم سوى فارس هم الهمام بالصورة.
لم يك يدري رواد المسرح و منظري ان مايميز المسرح من نص وحوار و ديكور و
اكسيسوار و ماكياج وكواليس و ممثلين و ستارة ؛ صار يميز الحياة و كأنها أصبحت
مسرحا كبيرا. موضوعها الإنسان وموضعها العالم ووقتها وزمنها العصر
وبما ان لكل عصر رجالاته ! فإن لكل رجالات فرسان كومبارس !.
سكروا عن طبق إصرار وترصد لخدمة الرجل القوي (...)!.
لقيتها كانت خدمة نبيلة ، خدمة البلاد و العباد ، و انما لأغراض دنيئة
ساقطة حتى لا يسقط فيها فارسه وولي نعمله، و من يغدق عليه بالخبر.
الكومبارس من المهن الساقطة بالمجتمع الذي سخر نفسه خدوما لا شخص مؤترين
بالحياة كان بامكان ان يكون واحدا مثلهم لو انه بنى شخصيته بشكل صحيح.
وقتئذ ان جاءكم كومبارس بابا فتبينوا...بل ابحثوا عن الفاعل الحقيقي
المختبر وراء الكواليس و في الغالب ما يكون غير بعيد يتقرب الاحداث ، من (الغالب)
و من ( المغلوب) في حين هو صورة المنزه البرئ بعيد عن كل هذه الصغار و سفاسف
الأمور ابتي هندس لها و خطط لها سلفا ، و نفسها بأيدي كومبارسية ماوراء على ذلك !.
او مجرد كومبارس غبيا تم تخضيره ايديولوجيا او عقائديا ؛ و شوحن ثم تم زرعه
باوساط من يكره !.
صرنا نعلم جيدا الكومبارسية من بداية لفظة الأولى لتلك اللمحة الأولى التي
يتفوه بها ، و تتخذ من يحيطون به الحذر و الاحتياط ، و اذا ما راو فيه نية مبيتة
اعتزلوه...ليربحوا أنفسهم.
الأخطر ما يواجه المجتمع من تفكك و تفتح وعدمية وهروب من المجتمع هي
الظاهرة او الحالة المرضية الكومبارسية ليته كان مرضا عضويا لها التمر، لكنه مرض الامراض حين يختفي الفاعل
الحقيقي خلف الستار و الكواليس و يدفع للساكنة أشخاص يقومون بادوارا بديلة شريرة.
تخيل لو انك دخلت مسرحا لتتفرج على مسرحية عنوانها " الكومبارس"
ممثليها كومبارس ، مخرجها كومبارس ، جمهورها فئة من الكومبارس ، كيف سيكون الحال
عندما تسدل الستارة و يخرج جمهور الكومبارس إلى الوجود.
اي تكفير و تطهير على الطريقة الارسطية
؛ و اي تفكير و تغيير على الطريقة البريختية يرجعه المحيط و العالم من
الفكرتين ؛ عندما تهين الكومبارسية على المحيط!.
ساعتئذ لا حديث الا عن الفتن و الخراب و الدمار و الزراية و كل من استمع
إليهم او لمسوخ يتحول إلى كومبارس !. متملقا ، ماسح احذية ، يمارس الانحطاط
المعنوي و المادي بكل المعاني للكلمة .
