الأسطورة بين التاريخ والأدب(2)
* بقلم : حامد حبيب_مصر
------------------------------
يرى ( كلود ليفي شتراوس ) أنّ
"جوهر الأسطورة لايكمُن فى أسلوبها
أو موسيقاها أو فى بِنيتها،ولكن
فى القصة التى تحكيها"...و "أنها متجاوزة لعوامل الزمان".
فمع غياب العلم ، وغياب الأديان السماوية ، تحيّر الإنسان فى
الإجابة على تساؤلات
كثيرة كانت تؤرّقه، خاصّة فيما كان
يتعلّق بظواهر الكون ، فلم
يجد إلا التفسير الأسطورى الذى أتى بمنزلة
المُنقذ
للعقل البشرى من
حيرته ،فجاءت لتفسير ظواهر الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم ، إلى جانب ماكان
يتعلّق بخلق الإنسان الأول
وغيره ،فآمنَ
بها الأوّلون،واعتبروها أدياناً يؤمنون بها،ويمارسون
طقوسها وشعائرها ، وجاء ذكرُ ذلك فى قوله تعالى:
((وقالوا أساطيرُ الأوّلينَ
اكتتَبها فهى تُملَى عليه بُكرةً
وأصيلاً))..فكان المعنى المقصود بالآية: أديانُ
الأوّلينَ.
كما كان من الوظائف الأساسية
للأسطورة ، الكشف
عن النماذج المثالية
لكل الطقوس والنشاطات البشرية ،
حيث كانت تتخطّى
ظروف نشأتها التاريخية،وتتّخذ
أشكال تعبيرية مختلفة ومتفاوتة
فى ممارساتها الحياتية والتعامل مع الطبيعة، حيث
كانت تجمعهما وحدة واحدة.
وقد أثبتت الأنثروبولوجيا البنيوية
والدراسات النفسية أن البحث فى الجوانب الأسطورية للإنسان
يعبّر بشكل دقيق عن الجوانب الخفيّة للكائن البشرى
بوصفِه كائناً متعدّدَ الأبعاد.
فالاسطورة كانت مرحلة
مهمة من مراحل
الفكر الإنساني،وهى مرحلة الطفولة البشرية، مرحلة مرّت
بها جميع المجتمعات
والحضارات ذات التاريخ الطويل ، بهدف التعرُّف
على الأشياء والظواهر الكونية ،
فكانت مرحلة من
السذاجة والعفوية والتلقائية.
وبرغم أنّ الإنسان المُعاصر ،لم يعُد مؤمناً بالأساطير
فى صيَغها القديمة ، ولا بأنصاف الآلهة
وماكان لهم
من أعمالٍ خارقة،لكن ظلّت حاجتُه لأساطير
جديدة
مستمرّة ، وبأشكال
مختلفة ، فالتفّ حولها
كُتاب القصة ، منهم من كان يستدعيها ، ومنهم من حاول
صناعة أساطير جديدة من خلال
قصص الفانتازيا
وهو أمرٌ أقبلت عليه السينما العالمية واحتفت به.
ورغم ميل المجتمعات المعاصرة لنفى المُقدّس،حيث
كان جوهر الأسطورة مرتبط أساساً بمعنى القداسة ،
فما زالت تلك
المجتمعات الحديثة تعيش
على أساطير وقداسات تتخفّى
وراء مظاهر علمية وممارسات يومية ، ولكن بعد خضوعها
لعملية علمنة
*فى النهاية..أسهمت تلك الأساطير فى صُنع
مانحنُ
عليه اليوم بنسب متفاوتة
بين الشعوب ، وشكّلت جزءاً من
تاريخِنا المعاصر ، ومازال
لها بقايا فى موروثات الشعوب ، ومازال الأدبُ ينهلُ منها
لمقاصد
شتّى.