حرب الأغنية الأدبية الثقافية الجزائرية المغربية
العقيد بن دحو
منذ عهد الحضارة الاغريقية لم يكتفي الفن بلعبة دور المحاكاة ، اي فعل المرأة:
انعكاسا و انكسارا لواقع المجتمع المعاش ، الاجتماعي السياسي الثقافي الاقتصادي
الامني العسكري.
طيلة حياته حتى وهو ملتزما او (غرامشيا) مع الآلهة او انصاف الآلهة او
الابطال وحتى أساطير، كان خير من يمثل الأرض و العرض ، البلاد و العباد ، الأوطان
و الاخوان ايام العز و الرخاء ، ايام الشدة و البسط و الرخاء و الازدهار ، و
بايام الحرب و السلم.
عجبا اليوم لا يزال فيتا من يوجد
في هذا الوجود ، يدعو إلى محايدة الفن و الادب و الثقافة ، لنتساءل ما جدوى
اغنية بلسان الملائكة و الانبياء وليست لها محبة او لا تعنى بقضايا الأمة و الوطن
!؟
او كما تقول الحكمة.
ان جل المدارس و المذاهب الأدبية و الفنية قامت على اساس الحرب . من
الكلاسيكية إلى الرمزية ، إلى التعبيرية ، إلى الوجودية وخاصة السيريالية.
وتعتبر المدرسة السيريالية التي اقامها ملوك الشعراء السيرياليين ، وكانت مملكتهم
تمتد من مقهى إلى مقهى باريس، و لما قامت الثورة الفرنسية لم يتاخر هذا التيار عن
الذوذ و الدفاع عن الوطن ، كما اتخذ لها
شعار على غرار الشعارين السياسي و العسكري.
كان شعارهم هو نفسه عبارة (سان جوست) الشهيرة في محاضرة التي قالها ايام
الثورة الفرنسية 1942 : " لا حرية لاعداء الحرية ".
فكان لها وقع عميق يتجاوز مع ما يعتمل في النفوس.
الحرية لاعتبارها الدافع الرئيسي
النشاط و الحافز عن التقدم و الازدهار ، و كذا الفصل لحق الذين لم بخلصوا
للحرية.
معظم الفنانون السيرياليون ، بينما كانت المدفعية الالمانية النازية تدك
الصفوف المتقدمة للحصون الباريسية. تركوا اقلامهم ، و ريشاتهم ، و ازميلهم ،
وكتبهم و مقاهيهم وخيالاتهم ؛ و هيامهم ؛ .والتحقوا بجبهات القتال ، مكونين أسطورة
فنان : الشاعر ، الكاهن ، و الجندي المقاتل.
اما اليوم البعض يريد تحييد اغانينيا وفنوننا وادابنا و ثقافتنا، عما يجري
بالجبهات الاخرى بيننا و بين الأخوة المغاربة.
جميل ان يكون لنا قلب . لكن بالغالب ما يجب أن نتخلى عن هذا القلب ، إذا
كان الخطر يحيط بالوطن، و خيوط المؤامرة بدأت تنسج رتلها على الثخوم.
تمة لم تعد لنا عواطف مراهقة ؛ لا مراهقة متاخرة ، فالحب الشامل الاعم اهم
من حب النزوات العابرة الطائشة.
وكما كانت الأغنية، الانشودة ، الموسيقى ، المسرحية ، اللوحة الفنية و
السينما ابان الثورة الجزائرية ملتزمون بقضايا الوطن ، حان الأوان اليوم ان تتجه
كل فنوننا و ادابنا و ثقافتنا باتجاه الحدود ، و اذا لم يستبق الفن اي استباق
محتمل فلاخير فيه.
وما الخلل و ما العيب أن عدنا إلى المسلسل العربي ، جمهورية مصر العربية
كما كنا ابان السبعينات لأسباب سياسية و امنية عسكرية ، و إلى الفيلم العربي ، و
إلى الاغنية العربية و بعدها فليذهب من يذهب إلى الجحيم !. إذا ما تعلق الامر بقضايا
الوطن.
اذن هي الحرب المعلنة و غير المعلنة، حرب ( الاغنية) بيننا و بين الأشقاء
المغاربة ، و عندما نلجا إلى الحصار او إلى الضغط السياسي او قطع العلاقات
الدبلوماسية ، سيكون الفن و الأدب و الثقافة اول هذه الأشياء التي يجب أن تقطع.
كون كل اغنية - شئنا ام بينا- تحمل قضية مجمدة ، فلنكسر قشرة هذه الألفاظ و نفصح
عن لب الذوق العابر للحدود المموه.!.
يقول العلامة بن خلدون : ان اول ما تمس الامم و الامصار و الدول تمس في
اغانيها.
كما أن الاعنية لم تعد لهوا ولا ترفا...تبدو انها بدأت حياتها هكذا... لكن
التقدم الثقافي و الحضاري جعلها ثقافة و حضارة ، اما اليوم فهي توعية و تعبئة
وسلاح.
الأخطر عندما يحول الطرف الآخر اغانيه إلى سلاح ، إلى بروبجندا أعراس و
افراح بصالوناتنا وسرادقنا العملاقة رغما عنا. وتسمع اذاننا ما لم نريد أن نسمعه ،
و تراه اعيننا ما لم نريد ان نسمعه. و من تم يمكن حقن السم في الدسم.
يتم التخدير اللفظي عوضا عن التخذير بتلك المواد السامة التقليدية.
اننا نعي جيدا متى ، كيف ، لماذا ، أين نفرق بين أخوة(يوسف) و أخوة(
كرونوس) !. فالعدو عدوا ولو بعد حين. . ومتى رشد وعاد إلى صوابه و عقله وجد الدار
الكبيرة التي تتسع إلى الجميع.
الخاسر الأكبر في هذه الحرب الباردة و الساخنة بين الأشقاء الجزائريين و
المغاربة هم الاخوة المغاربة ، لن يخسروا فنيا و انما ثقافيا و اقتصاديا و ادبيا
عندما يخسروا حديقتهم الخلفية الفن1ضية ، و يخسروا جمهورهم الذواق الذي كانت تصله
الاغاني المغربية من بوابة الضفة الاخرى للبحر الابيض المتوسط.
قد انشد الوردة
وقد انشد الجعل
لكن إذا الم مكروه بوطني ، استخدم شعري كسلاح . او كما قال (نيرودا).
صحيح نحب الاغاني المغربية ، و نحب فنانيه، لكن وطننا أغلى من كل ذوق ومن
كل حب ، سوف نتخلص عن حواسنا وعن وشائجنا ، وعن خواطرنا ، وعن قلوبنا ، وعن قربانا ، وننضم إلى وطننا في هذه الظروف
، فليمت من يموت وفليحيا من يحيى !.
الوقت ليس للرقص ، و ليس للغناء ، و ليس لحلم اليقظة ، و ليس للضحك على
الاذقان باسم المسرح ، و لا للتهريج و الضجيج و العجيج باسم التلفزيون او السينما
، إذا ما جد جدنا وصار الفن و الحياة في جبهة واحدة ، و بخندق واحد ، هذه اكبر قوة
ضاربة ان ينضم الفنان مع أخيه الجندي المقاتل المحارب ، يكونا أسطورة ميدان وواقع
على المواقع إذا ما وقعت الواقعة.
والبقية ليست ( فناجين بختة) و لا ( كيسان حياتي) كما قال الرئيس الراحل
عبد العزيز بوتفليقة. كوننا وقفنا ان : " نشرب (نخب) بالصحة و
الهناء"
إذا ما شعرنا ان الكأس( الفنجان) هو نفسه الكاس الذي تجرع منه - مجبرا لا
بطل- الفيلسوف اليوناني سقراط !.
خاوة خاوة ، خوك ...خوك لا يغرك صاحبك !.
" و اللي قالك انت خير من خوك ، تسمى حقرك " !. او كما قال المثل
الشعبي الجزائري .
كل ما يأتي من اخ عدو فهو عدو ! الله غالب ، تجار القيم و الفن الجميل
أفسدوا الحياة حين حفوا كل شيئ بالسر و الغموض.
لكم اغانيكم و لنا اغانينا وكفى المؤمنون شر القتال. و البادئ أظلم.