هل فقدت الدبلوماسية سلطانها
العقيد بن دحو
في الوقت التي تشهد فيه الحضارة الرقمية اوجها و زخمها الحضاري و الثقافي ؛
باحدث الثقنيات و المعدات و الاجهزة و الوسائل ، و كذا منصات شبكات التواصل
الاجتماعي ؛ تشهد الدبلوماسية تراجعا فادحا ؛
عن حوار الحضارات بين الامم و
الشعوب وكذا الافراد و الجماعات بشكل جلي وملحوظ .
فإذا كانت الدبلوماسية اسا و اساسا ؛
قمة وقاعدة هرم السياسة ؛ تعني لغة
و اصطلاحا و فيلولوجيا /فقه اللغة : بتوطيد وايجاد صلة ما في العلاقات بين الدول ؛ و كذا بين الجماعات و الافراد الشعوب و
الامم. او الدبلوماسية على أنها الجهود المختلفة التي ترعاها الحكومات و الدول .
تهدف إلى التواصل المباشر مع الجماهير الأجنبية ؛
خاصة ؛ على ان تتكلف الدبلوماسية الداخلية المتنوعة المختلفة بالشان العام
الداخلي. تواصلا مرنا قاعديا ؛ متفهما ؛ تكون مخرجاته حوارا متسامحا دينيا و
عقائديا و لغويا في حدود انتشار الثقافة و العادات و التقاليد البلد المكيف و
توظيفها لخدمة هدف بلده المستهدف و من جاء من أجله حرفيا. مع الحرية في أساليب
اخراجه السينوغرافي السياسي ؛ بما يخدم اجندات و بروبجندا بلده !.
حيث يتعاطف الجمهور الأجنبي او يكون مدعما لمنهاج و برنامج الدبلوماسية
المطبقة المنفذة !
كما تسعى الدبلوماسية الحديثة إلى استغلال وسائل الإعلام الكلاسيكية و
الحديثة ، التماثلية و الرقمية ، المكتوبة و السمعية البصرية لنقل الثقافة
الدبلوماسية من الفئات التنويرية المفكرة الاونتلجونسيا إلى الدوائر الشعبية .
لذا عندما تجد دبلوماسيا اجنبيا في دوار شعبي هامشي او في المناطق الهشة او
مناطق الظل او الظليل ، فليس حبا في هذه المساحة التي مسحها ؛ و انما من اجل
الوصول إلى غايته او هدفه المنشود ؛ و لو بالهداية و الكلمة الحسنة !
حتى ينزل الحب في قلوب الاهالي و
الدوائر الشعبية ؛ حب وطن الحلول ؛ لكنه حب ( اورفيوسي) مادي يستلب القلوب قبل
العقول . و من تم تأتي القابلية للاستهلال و التنفيذ.
غير ان الدبلوماسية اليوم تعاني من ازمة حوار ؛ او حوار عن بعد قام بدلا
عنها الهواتف المحمولة الذكية ؛ جهازا بجهاز عوضا عن انسان بانسان ، كنا ان
الدبلوماسية لم تتحول بعد إلى فن ، فاكتفت برصد وسبر الاحداث المتتالية كالصحافة.
ولم تراها كرؤية الرسام و لا كرؤية النحاث و لا كروية الروائي ، و لا هي بالشاعر
و لا برجل الدين و لا بالمقاتل او الجندي المحارب ، كما هي لا بالمؤرخ و
بالفيلسوف و لا بالشاعر الخالق المبدع. فمن أين تأتي الدبلوماسية كفن من لدن
دبلوماسي يفتقد لكل هذه القيم !؟. دبلوماسي درس كل شيئ الا ان لم يدرس ما يبقى بعد
ان يخسر كل شيئ !
نسي ان يكون مثقفا فنانا ؛ طلائعيا
فاعلا جمعيات جماهير؛ يؤثر في الناس فعلا و قولا ؛ اشارة لفظا ولحظا ؛ و حلما و
صورة ؛ و ان تكون خدمة بلده من أولى اولياته السياسية الاجتماعية الثقافية
الإقتصادية و كذا الامنية العسكرية ؛ مستشرفا للاحداث مستبقا للكلمات قبل اللكمات
.
ففي عصر فقدت فيه السياسة و الدبلوماسية سلطانهما بشكل ملحوظ ، فإن إمكانية
الفن التي هي غضة و لكنها باقية ، ليتحتم عليها ان تحفظ المجموعة البشرية في وحدة
واحدة ، فكل ما يمكن أن يشير إلى اننا
ننتمي اليه إلى نفس النوع له قيمة
إنسانية.
فإذا كانت الثقافة و الرياضة انقذت العديد من القطاعات ؛ حين انتقلت
بالمثقف و الفنان من العمر المهني إلى العمر العقلي بمعدل( 3ن) / (3n) حيث (ن)
عدد طبيعي لا يساوي صفرا.
فبامكان الدبلوماسية ان تعود و تستعين بالثقافة و الرياضة مجددا!.
لذا تعمد بعض الدول إلى تعيين بعض الأدباء و المثقفين و الفنانبن كسفراء و
قناصلة و دبلوماسيبن لانقاذ الدبلوماسية من ستاتيكية الدبلوماسية ذاتها.
فقط يتم هذا عندما تصير الدبلوماسية فنا و الفن دبلوماسية .
فتش عن الثقافة و الفن كانقاذ و ليس كترف ترفيها من اجل حوار بائس لا يعلم
و لا يمتع و لا يهز.
ان الدبلوماسية لم تعد لغة حوار طرشان لله او الترف...يبدو أنها بدأت
حياتها هكذا...لكن التطور الثقافي و الحضاري جعلها ثقافة و حضارة اما الان فهي
توعية و تعبئة و سلاح.