أدب وفن العائلة و القبيلة
العقيد بن دحو
يمتاز الأدب و الفن و الثقافة عموما بالظاهر السوسيولوجية : مرض و صحة ،
سلم و خرب، فقر و غناء ، جودة ورداءة ، فرح و قرح ، زواج و طلاق ، ميلاد
ووفاة ... الخ. حسب راي المفكر الاجتماعي
في علم الادب : ( روبيرا اسكاربيت).
فإذا كان المجتمع المدني ينقسم إلى عوائل و قبائل ، و اذا كانت العائلة
الصغيرة و الكبيرة تتكون من الاب و الام و الاخوة و الجد و الجدة ، إلى أن تتسع
إلى الخال و العم....الخ.
ليصدق المثل الشعبي القائل : " إذا جعت روح لخوالك و اذا تهنت روح
لعمامك " !.
بمعنى المجتمع البشري بقدر ما هو في حاجة إلى أمن غذائية في حاجة إلى من
صحي و من يدافع عليه ووبيئته ايضا او المكان الذي تشا فيه الوطن .
فالعم او الخال نظرا لرقة قلبه و رهافة
شعوره يكون قلبه على ابن الأخت احن و الطف في سبيل رضا اخته ،كل شيئ يهون.
لذا سئلت امرأة عن زوجها فقالت مفقود ، و عن ولدها مولود ، و لما سئلت عن
اخيها قالت انقسم ظهري !.
تشبه الثقافة واقعنا اليومي بالمزاد.
ناد عائلي يتذكر اعضاؤه فيما بينهم الوجوه الكبيرة في مجموعة صور العائلة .
يتذكر كلمات العم (بوكلان) الحلوة ، وحكمة ابن العم (ديكارت) المثقف ، و خطب الجد
(فكتور هيغو) الرنانة، و مجون الوالد الطيب (فرلين) . بمعنى ان تكون مثقفا ان تدعو
كافة أعضاء عائلة القربى الثقافية كل باسمه .
اما الغريب سيظل بعيدا عن الناد و لا ينتمي إلى للعائلة (......) !. بمعنى
ليس مثقفا او له ثقافة اخرى.
هذه التقسيمات التي قسمت الأدباء و الفنانين و المثقفين و المفكرين إلى
عائلات و قبائل ، لم تسلم منها ايضا الكلمات ، فالكلمات صارت كلمات عوائل و قبائل
و شعب.
حديثنا حول ما يسمى بالعائلة او القبيلة الثقافية الادبية الفنية تمتاز
بمجموعة من الخصائص و الميزات المشتركة بين ابناء العموم و الخالات و الآباء و
الجدات، سرعان ما يتبلور ( الخط) إلى أن يصير تيمة او طابعا لغويا موحدا ، و
اسلوبا من حيث الأسلوب هو الرجل ، بل من حيث الأسلوب هو المجتمع و هو الانسان ، و
من حيث الطفل ابا للرجل او كما قال ( بوفون) / Buffon .
بل حتى الاساطير - الأسطورة ميراث الفنون لم تسلم من هذه الاقسبمات الاسرية
( الثيوغونية) - عندما يلقب ( برومثيوس) واهب النار للبشر بجد البشرية او أبا
للبشرية.
اذن لا يمكن أن بتقدم الادب و الفن الا من خلال شجرة العائلة ، كابرا عن
كابر ، أبا عن جد.
فالادب ليس عبدا و ليس لقيطا مجهول الهوية ( s.n.p ) !
فهو يشهد ولادة شرعية ، قائما عن علاقة اجتماعية شرعية ، توجت بزواج ، شهد
له شاهد من أهلها، مشروعا ثقافيا مخرجاته يكلل بانجاب بنينا و بناتا في كنف حضور
كافة أفراد العائلة و القبيلة ( العم ، العمات ، الخال ، الخالات، الاخوة ،
الأخوات، الجد و الجدة....).
وبالتالي لا يمكن لهذا المولود الا ان يترعرع بعيدا عن اكراهات الحياة الا
في وسط هذا الجو العائلي (...) !.
بمعنى لا يمكن لأي اثر (...) ادبي فني فكري ، مكتوبا او مسموعة او مرئيا او
هو كل هذا دفعة واحدة . الا بوجود مؤلف ، ناشر ، مطبعي ، مكتبي ، ناقد ، و جمهور
قارئ . من ان يشكل هذا الأثر حوارا حضاريا ، يسعى لان يؤثر ؛ ان يقنع ؛ ان يعلم ؛
ان يمتع ؛ ان يهز ؛ ان يعزي، ان يحرر ؛ او حتى ان يبعث عن اليأس الا انه حوار ذو
غاية .
اذن لا يمكن استثناء الفعل الأدبي الفني الثقافي عن اي نماء اجتماعي يهز
الخلق من ديباجته .
وبالتالي لا تطلب من مجتمع بائس محبط يائس ادبا راقيا.
وحتى الكتابة عموما تدل على الخسارة امثر منها على الكسب ، فالمجتمع البشري
ما فائدة يخسر اكثر من بريقه البشري مع
هذا التقدم الذي شهدت فيه تفوق الالة على الإنسان، و أصبح ما يميز الاشياء يميز
البشر ، عالمنا المادي الذي اغترب فيه الادب و صار ( عاقا) ، متنكرا للعائلة و
متمردا عن القبيلة !.