جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
حامد حبيبشخصيات

خلود برهان الأدبُ النسائى المُعاصر ٣٩

 

خلود برهان  الأدبُ النسائى المُعاصر ٣٩

            _ تقديراً وليس تجنيساً_

               """"""""""""""""

       * مع (خلود برهان) _ دمشق/سوريا

--


---------------------------

   * بقلم : حامد حبيب _ مصر

فى قصَّتها " الشمس":

كتبت (خلود برهان) قصَّتَها  بلُغةٍ شِعرية  مجازية،

خاضعة لتعدُّدِ التاويلات .

ومعلومٌ أنَّ القصةَ القصيرةَ جداً ، من أبرزِ مظاهرِها

الاختزالُ والإخفاء ،  ودعوةُ  القارئِ  إلى  المشاركة

الواسعة في إنتاجِ المعنى،كما يقولُ(چون جيرلاش)

"..والقصةُ  القصيرةُ   جداً  تدعو  القارئ  لكى يبنىَ

ويتصوَّرَ    تفصيلاتٍ    غير    واردةٍ     في   النَّصّ ،

تفصيلات  تتعلَّقُ  بالسببيةِ  والترابُط  بين الأحداثِ ودوافعِ الشخصياتِ ،وحين نتصوّر هذه التفصيلاتِ

ونبنى منها الدلالةَ سنشعُرُ بوجود قصة.."

واذا كان القَصُّ أوالسَّردُ يقتضى وجود حاكٍ وحكاية _أيّاً كان معنى هذه الحكاية_فإن الكاتبة  فعلت ذلك من خلال مملكة الشِّعر ، فما كانت  قصتُها  إلاّ صوت راوٍ / شاعرٍ   مُفتَتِنٍ   بسحر  اللُّغةِ   باسبقيةِ  الدَّوال وغوايتِها ،  بها   مجازٌ  متراكمٌ  ،  وتوريات   وطباق،

واهتمامٌ فائقٌ بالاسلوب .

والقصةُ القصيرة في جوهرها شكلٌ مكانىّ ،  ينهض على تجميد الزمن عند لحظةٍ مهمّة ،ثم تعميق  هذه

اللحظة من خلالِ الرسمِ في المكان، وشحن الكلماتِ

 بطاقةٍ مُضيئةٍ تسمحُ برؤيةِ الأبعاد الزمنية  السابقة

 واللاحقة ، وهذا  معناه أنها  تستعيدُ  فاعليةَ  الزمنِ عبرَ الاهتمام ِ بالصراع  والأسلوب ، وذلك  أنَّ  قراءةَ القصةَ القصيرةَ  تُشبهُ مشاهدَ لوحةٍ انطباعية ، لأنها

 تتركنا مع شئٍ مُكتمِل لكنّه لم ينتهِ .. إحساسٌ يظلّ

 يتردّد  في  عقلِ  القارئ ،  ويدعوه  إلى  أن  يُسهمَ

في التبادل الجمالى بين الفنّانِ وموضوعِه.

ولكن   ياتُرَى  ماالموضوع _ من وجهةِ نظرِنا _ الذي شـحِذَت  لاجلِه تلك اللغة الشعرية  الذائبة  في هذا

الكمِّ   المجازى   الذى  توارت   خلفه  القضيّة   التى

 تجسّدت في إنسان ؟

معلومٌ  أنَّ  الإنسانَ  هو  محورُ  كلّ  قضية ، ولاجلِه

شُحِذَت الأقلام تُجسِّد  ماساتِه  عبر  المكان والزمان

والكاتبة جسّدت معاناة الإنسان في وطنها (المكان)

من خلال الانتقال من الجدّة للأُم  "تعاقُب الأجيال"

(الزمان) ،  واستخدام   الفعلِ  الماضي   لاستحضارِ

صورتِه  في  الحاضرِ  لتعميقَ  المأساةِ  في  الأذهان

والنفوس .

فهى تنبشُ  في تاريخِ  الوطنِ أو الأُمّةِ عبرَ  الأجيالِ

من الجدَّةِ للأُم.. تاريخِ الكفاحِ المتوالى،ومدى صعوبةِ هذا   الكفاح   وآثارهِ   من   أجلِ  بناءِ  " الشمس "...

هذا  الأملُ القادم…النهارُ  بعد  الظلام ،  في  متواليةٍ

من  العناءِ  من  أجل الوصول  لتلك  "الشمس".. هذا

العنوانُ الذي كانت له قوّة دلاليّة  في  سياقِ القضية

المُثارة…قضية الكفاح المُر عبرَ الزمنِ لأجلِ  غدٍ تلمعُ

 فيه شمسُ الكرامة.

.............

"كانت جَدَّتى مشغولةً  باختراعِ  الصبرِ حين أنجبَت

أُمّى…أرضعتها دمعتَينِ مالِحَتَين.."

"رشَّت الكثيرَ  من   مسحوقِ  التعَب ،  ووضعت  فى الخليطِ مِلعقَتَين من شعورِ الهمِّ والأسى"

" قرّرت  أن تزرعَ  شجرةً  تُثمِرُ جبالاً ،  وفكّرت فى

موسمِ قطافِ الجبال ،لكنها خافت إلّا تجدَ  خارطةً

تزرعُ فيها كلَّ هذه التضاريس"

"تمكّنَت من التمسُّك بحبالِ الهواء"

"سمِعت أنشودةَ الحياة"

"واستشارت تعبَها وحُزنها"

"عادت  من  رحلتِها  نحوَ القرية ِ حاملةً  تمثالاً من

جوعٍ ستنصبُه قُربَ موقدِ التنُّور"

"بيدِها الأُخرى زرعت جدّتى شمساً كبيرةً فى بيتِ أبى،ونادت علينا  ياأولاد : هذه أُمُّكم  التى أنجبتُها

وأنا أصنعُ الصَّبر".

وقد جعلت الصبرَ  والتصميم  والعزيمة  القويّة هى

الطريق  لميلادِ الشمس.. لميلادِ غدٍ  مُشرِق ، تتحقّقُ

فيه أمانى الإنسان في الوطن من حياةٍ آمِنةٍ كريمة،

من حريةٍ ،من عدلٍ وكرامة.

-------٠٠٠٠٠٠٠٠٠

*تحياتي وتقديري للمُبدعة السورية (خلود برهان)

وتمنياتى لها ولاوطانِنا جميعِها بغدٍ مُشرِق ..

نحن جميعاً في انتظار شمسِ هذا الغد.

______________

قصة "الشمس"

------------------

كانت جدتي مشغولة باختراع الصبر حين أنجبت أمي ..

شدتها بالقماط و أرضعتها دمعتين مالحتين، ووضعت في عنقها خرزة زرقاء، و انطلقت لإجراء تجاربها على ابتكارها الجديد القديم قدم الإنسان على الأرض.

تناولت قارورة الملح لتمزجه بالتراب، و رشت الكثير من مسحوق التعب، ووضعت في الخليط ملعقتين من شعور الهم و الأسى، جربت هذا الدواء على الحجر لكنه لم ينفع ..

في الليلة التالية حملت وليدتها على ظهرها و انطلقت تعدو في الحقول بحثا عن عشبة العطش، لتمنع عن ذاتها الارتواء أملاً بنجاح التجربة ..

وعندما أخفقت، قررت أن تزرع شجرة تثمر جبالا .. وفكرت في موسم قطاف الجبال، لكنها خافت ألا تجد خارطة تزرع فيها كل هذه التضاريس، فأحجمت عن فكرتها، و شعرت بغصة كبيرة، وبدأت تدرك أن بارقة الأمل الأولى ستشرع بالتلويح لها.

ابتسمت فرحة بالغصة، حملت صغيرتها مجددا، وراحت تتسلق جرفا بعيدا لعلها تتقن صياغة الصبر بصورته الحقيقية..

وعندما بلغت حافة الانهيار تمكنت من التمسك بحبال الهواء، و جلست تستريح، قبل أن تكمل هبوطها على السفح الآخر، وهناك سمعت أنشودة المياه من نبع لا تعرفه، همست في أذن الرضيعة، ها هي المياه وحيدة في البراري تؤنس ذاتها بخريرها العذب تعالي نشرب منها لعلنا نسكب جمال وحدتها في روحينا لنتعلم عذوبة العزلة ..

رجعت جدتي بأفكارها إلى الماضي، و ابتسمت لمخاوفها، و استشارت تعبها و حزنها، فأرشداها إلى طريق مختصر ، ورسما لها خريطة، ووهباها شعلة تؤنسها في ظلمة الأيام، تناولت جدتي تلك الهدايا و ضمتها كما تضم أمي بين ذراعيها، و عادت .. عادت من رحلتها نحو القرية حاملة تمثالا من جوع ستنصبه قرب موقد التنور، و حبلا من عطش ستربط به أيدي الأيام الطويلة مع بعضها، في تلك اللحظة نبتت لجدتي عشرات الأيدي لتنجز مهامها، ففرحت فرحا كبيرا، و استخدمت بعض أيديها في تطريز لهاثها بأنين التعب و بأخرى حملت أشياءها و صغارها الآخرين و.أمي وتعب زوجها.

غمرتها السعادة عندما اكتشفت ان لديها المزيد من الأيدي لتصنع الكثير، فأطلقت بعضها إلى الحقول و الكروم، وبعضها للمسح على رؤوس ايتامها بعدما تركها جدي إلى رحلته الأخيرة.

بيدها الأخيرة زرعت جدتي شمسا كبيرة في بيت أبي، ونادت علينا، يا أولاد هذه أمكم التي أنجبتها وأنا أصنع الصبر وإذ بي أصنعها.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *