امرأةً تقليديةً
بشرى رحالي
لقد كنتُ امرأةً تقليديةً بحت
لا تؤمن بالحب الموشّم
على الطرقات
و في آلات الموسيقى
في حقائب النساء
و داخل علب السجائر
بين الكتب الهشة
و عند عتبات المقاهي المفلسة
تزوجتُ رجلاً لا أعرفه
و أنجبت منه ثلاثة أطفال
و عشرين عاماً من الموت و الشفقة
لا أعرفُ
كيف استطعتُ العيش مع رجل
يحب امرأة أخرى ،
لقد فقدتُ صوتي كله في نصف إسمها
و أفرغت كل جسدي في وجهها
و لم أستطع أن أكونَ ولو شيئاً قليلا منها إلى الأبد !
أختبئُ وراء جدران المطبخ
أتناول برودة أعصابي
و أطهو قلبي
مع رغيف الخبز في ذاكرتي
أمسحُ الغبار
من الأيام العالقة بجوف صدري
و أعلّق كل آمالي
على حبل الغسيل أمام الملأ
أستفرغ صوتي الهش في الحمام
و ألبسُ ثوبا يملأ كل النساء
كل النساء .... إلا أنا !
أعود إلى السرير مرة أخرى
أغرزُ أظافر الموت في رحمي
و أرضِع الخوف
لأطفالٍ لم أخلع أمامهم يوماً
عباءةَ الصلاة و معطف الشتاء.
الرجل الذي
غرستُ في ترابه وجهي
لم يستطع أن يحبني يوماً
و الزواج لم يفعل شيئاً
لملامح امرأةٍ عارية في البرواز
زوجي مازال معي
والصورة الأولى
معلقة على الجدار عن طريق الخطأ
الآن
أصبح الجدار فارغاً
و الإطارُ بلا صور
و المسمارُ في قلبي يُثبِّتهُ الصّدأ.