سياسة بلا قلب
العقيد بن دحو
دعنا في
البدء ، ننطلق من عبارة " رامبو" الشهيرة : " سبب تفوقي على الاخرين
لاني دون قلب " !.
و هذا حتى لا
ننطلق من عبارة " شمشون " القاضي العبري ، صاحب الصيحة الخارقة : "
علي و على اعدائي يارب " !.
كانت سر و
سحر قوته في شعره الطويل .
تقول
الاسطورة ( البابلية) : جعلته الفتاة " دليلة" الكنعانية الفلسطينية حتى
ينام و قصت خصال ضفائره ، كيما تبطل كيمياء و سيمياء و هرمسية سر قوة و تفوق سلاح
شعره الفتاك المدمر ! .
كان لا بد
لنا قراءة جسد السياسة اولا ، ان نعبر برزخ الحلم و العلم ، الخرافة الاسطورة و
الحقيقة، الحلم الفردي و الحلم الجمعي .
بمعنى
الاسطورة وعي جمعي ، اذ الفرد لا يستطيع ان يبدع اسطورة.
حتى ان
(يانك) قال الحلم اسطورة الفرد ، و الاسطورة الحلم الجمعي
وعليه
بالقياس و بالاسقاط التجريدي الديكارتي للاشياء ، سواء العكسي منه او المتعدي.
تصير السياسة اسطورة الحلم الجمعي.
وسواء الناس
اخضعوها للتجريب و المراس ، و للمنهاج و البرنامج لتصير علما من العلوم العقلية
النقلية ، الطبيعية الانسانية ، او هم اخضعوها للجماليات و للذائقة الفنية
الانسانية.... اضافوها للطبيعة . كان تصير
فنا من الفنون ، فهي بالواقع لا هذه و لا تلك؛ فلاهي علم ولن هي فن ؛ فلاهي طائر و
لا هي بعير . كالنعامة ان قيل لها احملي قالت انا طائر ، و ان قيل لها طيري قالت
انا بعير او كما قال " براهام نكولن" . و بالتالي السياسة بين ان تمون
بعيرا او طائرا ، بين ان تكون خلما و علما ، و بين ان تكون خرافة او اسطورة و
حقيقة ظل لهل الساسة و مهما طالت سلامتهم يوما يعودون من حيث اقبلوا اول مرة بخف
حنين (....)!
فالسياسة هي
السياسة ، كالماء الذي يشكل اسطورة عنصره . لا منطق لها ، بل لا قلب لها. فحتى ان
كانت فن الممكن ، كل شيئ ممكنا فيها. بالواقع هي فن المستحيل.
فما كان يصدق
الواحد فيها انى كانت صفته ، بان مكنته من نفسها . حتى تسقطه راسا على عقب !.سقطة
مدوية تدهش و تذهل الجميع ، كيف لهذا ( الرامبوي) او لهذا ( للشمشوني) ان يسقظ بلا رحمة !؟
بل الناس
تتفاجا ، كيف لهذه السفلية ، غير معروف
يصل الى هذه المكانة الرفيعة صدفة ؟! .
الحظ ! لكن
الحظ يحالف الذهن المستعد كما قال (باستور).
انها لعبة
السياسة ، السياسة العلم ، و السياسة الفن ، و اصحابها او من احتوتهم لا يحتاجون
بالغالب الاعم لا الى علم و لا الى فن !.
قليل من (
اللعب) ؛ لعبة عميقة الجذور بين الانسان و اللامنطق ، او بين الانسان والاسطورة
مجددا. كيف يتحايل رجل السياسة على هذا الكائن الخرافي في تلافيف اخاديد دهاليز متاهات السياسة ، دون ان يثير قلقها ، و
حتى ان تطلب الامر ان يغذيها من دمه و روحه و نفسه.
تماما كما
كان يغذي (برومثيوس) جد البشرية او ابا البشرية واهب النار للبشر ، سجين الحرية
وحش نسره من كبده .
بمعنى ان
يغذي ضميره بالندم ، لان في الاخير الندم انفع للانسان !.
مطالب على
رجل السياسة اليوم ان يجيب على عدة اسئلة خرافية ، قبل ان يقترف الخطيئة الكبرى
الاخلاقية ( الاوديبوسية) في حق المحارم !.
و لان
الكلمات اساطير صارت لا تفهم ، فان الاسطورة ايضا لا تفهم ، و بالتالي السياسة هي
الاسطورو ذاتها و بالتالي لا تفهم.
وان حاولت ان
تتفهمها سوف تصاب بتلكؤ المفردات و تلعثم العناصر.
غير انها
بالمقابل ميراث الفنون كما يقول " نيكولاس فريده"
او ان لا
يمكن التقدم دون " سياسة" حتى
ان كانت الكلمة غضة ، و غير مستصاغة الفهم ، و العديد من المفكرين و المثقفين و
التنويريين يهربون منها اليوم ، لكن الى اين يهربون ؟
صارت قضاء و
قدر تقرر مصير البشر في كل مكان و في كل زمان و اينما اداروا.... تمة سياسة.
هذا لا يمنع
ان السياسة " شبيهة بالتاريخ" و لبناء حضارة يلزمنا تاريخ و الشبيه
للتاربخ " او كما قال (مالرو).
- * الشبيه
بالتاريخ : هو كل عادات و دين و معتقد ، حكايات شعبية ، فلكلور ، خرافات و اساطير
، وتراث مادي و اللامادي.
و الان هل
فهمتم شيئا عن سياسة بدون قلب !؟
ليست لها
نوستالجيا ماضوي تعود اليه كحنين دورة التاربخ ، حينما بعيد نفسه مرتين ، مرة في
شكل ماساة و مرة اخرى في شكل مسخرة !.
انما لها حاضر تعيشه ، كما هو و مستقبل تستشرفه
، تترقبه ، بل في الغالب ما تتم صناعته.
و في لحظة من لحظات غضب : تتغلب عليها
النرفزة...تتقلق... تزعف و تخسرها ..!
على حسب قول
الممثل المرحوم ( سيراط بومدين) في رواية ( الاجواد) التمثيلية للمثل ؛ المؤلف ؛
المخرج الجزائري المرحوم ( عبد القادر علولة) .