الحقيبة
حامد حبيب
__________(؟) الحقيبة (!)__________
قصة قصيرة
أقفُ على الرصيفِ وسطَ الزّحامِ
في انتظارِ القطارِ
القادم..أحملُ حقيبة ،
والحقيبةُ تحملُ أوراقاً ، هي
كلُّ ماأملكُ في الحياة... مع صفّارة
القطارِ القادم
اندفع المسافرون إلى الأبوابِ في سباقٍ حميم أملاً
في العثور على
مِقعَدٍ خالى... رغم الحرّ والزحام والعرق الذى يتصبّبُ في أجسادنا لم
أحتمل رؤية
تلك السيدة العجوز وهي
تُدفَع من كل
الأجنابِ
فأجلستُها مكانى..لم أجِد مكاناً للحقيبةِ سوى وضعها
على الأرضِ بين
قدمَى العجوز ، فالشبَكة يجلس عليها شبابٌ يُدلّى أقدامَه في استهتار...
كلما مرَّ القطارُ بإحدى المحطّات أحسبُ العدّ التنازل
لنُقطةِ الوصول...
وجوهٌ عبوسة..وجوهٌ يحدوها أمل.. وجوهٌ
مُصفَرَّةٌ
شاحبة...حكاياتٌ ثُنائية عن الوجعِ اليومى ...عيناى
على أسماء المحطات ؛ أُُطمئِن نفسى بقُربِ الوصول
..شاردٌ بين ماكان وما سيكون..
السنين التى قضيتُها في عناءٍ وألم وتهكَّم...
أحلامى فى أوراقي ،
واوراقي في طريقها
إلى ماكينات الطباعة ودار
النشر ... الجميعُ
ينتظرُ عودتَك ... هل ستعود بالحقيبةِ
التى يريدونها ؟
أم ستعود بالحقيبةِ كما جئتَ بها...أم..أم ؟
أملٌ يُثلجُ صدرى ...خوفٌ يُفزعنى..واقعٌ
ينهرنى..
قطارٌ يحملنى.. حقيبةٌ تحملُ غدى..جرفنى اندفاعُ
المتزاحمين نحو الباب
إلى المحطةِ الأخيرة....
حاولتُ التماسِك لالتقاطِ حقيبتى...العجوزُ تسندُها
امرأة...ليس للحقيبة أثر... وبين اندفاع الصاعدين
والهابطين ..جنونٌ روّعنى ،وعلى الرصيف تخترقُ
عيونى الهابطين من القطار ...لاجدوى ...هيستريا البحث عن الحقيبة لفتَت
أنظار المسافرين وانا
أصرُخ : أوراقي...مستقبلى...أوراقي... مستقبلى....
وقعت عيناى على ورقةٍ منها ..بحثتُ عن
الأُخرى
وجدتها مُبعثَرةً بين قُضبانِ
السكك الحديدية......
بجنونٍ حاولتُ أن أجمعها...للأسف
مزّقها السارقُ ،
وبعض الذى سلِمَ من يدِه فرمَته
عجلاتُ القطاراتِ المسافرة.
______________
حامد حبيب_مصر
من مجموعتى "راتشاك"
نوفمبر ٢٠٠١م