جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

كافكا" و " بريخت" فكرة امكانية تغيير العالم

 

كافكا" و " بريخت" فكرة امكانية تغيير العالم

العقيد بن دحو

تميل مختلف الاداب و الفنون و الثقافات و حتى مختلف القيم الاخرى السياسية الاجتماعية الاقتصادية نحو الغموض و التعمية و الشواش على مختلف المشاهد و المناظر محليا و عالميا و عولميا و القادم اسوا.

تميل مختلف هذه القيم الانسانية في المرحلة المتاخرة الانفرادية للعصر الراسمالي الليبرالي المتوحش الى تغليف الواقع بالاساطير.

لم يفهم هذا ، مثل ما فهمه و تفهمه الكاتبين معا ، حتى ان تباينا و اختلفا ، و تواجدا على طرفي نقيض ، الا ان التشابه مع الفارق اعظم .

وحتى ان قال " بريخت "  : تلك الفكرة التي تغير وجه المحيط بل العالم . يظل " كافكا" متحفظا  ، اذ يؤمن بفكرة وراء كل سؤال جديد جواب جديد ، ووراء كل امل جديد خوفا جديد.

عيش في خظر او كما يقول " نتشه" !.

الملموس ان تقاربا تم بين اسلوب بريخت - من حيث الاسلوب هو الرجل وهو المجتمع كما يقول (Bufon) - و موقف كافكا في تقديم الصراع الاجتماعي.

ورغم ذلك لهذين الكاتبين العملاقين موقفين مختلفين اشد الاختلاف دينيا و دنيويا ، عرقيا و بيئيا ، و حتى ايديولوجيا ان شئت، ناهيك عن اختلاف مناهج المدارس و المذاهب الفنية المستقله ، بعد ان كفوا الادباء و الفنانين عن مجاراة التاريخ و استقلوا بمذاهبهم و مدارسهم الفردانية. محطمين جل القواعد الملاسيكية و الرومانسية التي نشا و تربى عليها السلف الصالح من الاباء و الاخوة الكبار من عائلة الكلمات ،، و جمل القبيلة ، و معاني الاعراش.

من اجل جميع الصالحين !.

موقف كافكا هو عدم اليقين ، و عدم الاطمئنان . قلقا على انسانه و على محيطه الذي يشكله ، بل على حيوانه و قوقعته !.

يقف كافكا مع الشعب ، و لا يخفي دفاعه عنه ، وعن السفلية من عوام الناس ، المنكوبين ، المنكودين ، و المعوزين . و هو ضد المتثبثين بالقوة ، بالاوليغارشية و مختلف جماعات الضغط ايا كانت و تواجدت.  من هم يؤمنون بمنطق ( ابليس) ، من هم بفكرون و فق اهواءهم ، ووفق قواهم التدميرية.

لكنه بالمقابل ، ومع ذلك لا يؤمن بقوة الشعب في ( التغيير) !  و لا بارادة الشعب ، و لا بالشعب السيد. مجرد كلام ديماغوجي غوغائي ، يستخدم كمخدر للشعوب ليرفعونه بسلطة  العهن المنفوش ، يحمل صخرة اماله و الامه و طموحه العبثي صعدا نحو الاسفل !.

لا يؤمن كافكا باي تمثيل ، و لا بنظرية التمثيل الشعبي.

 لذا لا غرو ان جاء حواره مبتدلا في رواية ( القلعة) على لسان احد شخوصه ( السيد كلام) متهكما ، لمزا ، ساخرا ، ثائرا ، ناقما على طبقة البرجوازيين المزيفيين الوهميين  و على مسلمات القرن العشرين:

الحق لا يعطونه

الحق يمنعونه

و الغني هو وحده الذي يعمل...يعمل...يعمل !.

صحيح ياكافكا هذا هو منطق التاريخ ، و من لم يريد ان يرى غير ذلك فلينضح كالديدان من رطوبة تحت الارض !.

وراء كل امل جديد خوف جديد ، ووراء كل جواب جديد سؤال جديد. مرتاب كافكا من الحياة و يشكك في كل شيئ ، فما يعجبه اليوم قد لا يعجبه غدا. و ما يطمئن له اليوم قد يكون له حذرا غدا - عش في خطر - لاشيئ يدوم على حال و لا يستقر على وضع. في اي لحظة من اللحظات الجنونية ،  سيكون قابلا للتحول من السيئ الى الاسوا.

اما بريخت اكثر براغماتيا ، متصالحا  متفهما ، متسامحا مع قوالب عصره. غير معاديا لايه فكرة حضارية اسا و اساسا سلفا. جندي محارب ، و في نفس الوقت طبيب جراح يخرج الرصاصة من ساق العدو الجريح الاسير لاسباب انسانية. يؤمن بالفكرة ( البرومثيوسية) في قالبها الجديد الحديث فكرة و تجريبا. البشر مجبرون ليتخلوا عن بعض ما فيهم لانقاذ الاخرين ، حتى ان كان يخالفنا العرق و البيئة و التاربخ و اللغة و المعتقد و الجغرافيا في عصر تكوكبة وتعولمة و تامركة دون سابق انذار ، بل العالم كله اليوم في علبة صغيرة محمولة على مف عفريت ، تقكف بالناس الى حيث لا يدرون ،  على جميع المحاور الارضية السماوية الفضائية.

 الخشية ؛ الخشية ان تتوحد المعمورة ساكنة و سكانا امام قائد واحد موحد من وهم و رقم.

فالرقم ليست له علاقات انسانية ، علاقاته بالملفات ، يحول الجمبع الى مصنفات وو ثائق و علب ارشيف حيا وميتا ، و هكذا نعود من جديد الى دورة التاريخ ، من دكتاتورية الالهة ؛ القضاء والقدر بالمعنى الاغريقي الحرفي القديم مما قبل التاريخ  للكلمة ، الى دكتاتورية البشر ، الى دكتاتورية الرقم و الرقمنة... و هكذا دوليك فالالية واحدة ، تحويل الجمبع الى ( حالات) !

انسان بريخت ، انسان متجدد ، طموح ، يعيش على الامل ، مشاركا في صيرورة عمل الحياة

خلق الاتسان ليكون ناجحا ، و خلق العالم ليمكنه من النجاح او كما تقول الحكمة.بل خلق الانسان ليكمل هذه الحياة.

انسان بريخت ليس متفرجا سلبيا عن الاحداث ، بل ايجابيا ، مواقف. موقفه من شجرة الفاكهة ان يقلم شحرة الفاكهة ، و موقفه من الحركات المتصلة ان يشق الطرقات ، ان يبني العربات ، الموانئ ؛ الجسور ، المطارات... المدارس ، المعاهد ، الجامعات ، و موقفه من العالم ان يغير هذا العالم من جذوره.

انسان بريخت رفض ان تظل فلسفته سجينة دماغه ،  عقيمة ، سفسطائية ، بافلوفية البيضة و الدجاجة ومن خلق اولا ؟

بل جعل فلسفته تنتقل الى مختلف حواس الناس ، الى تراسل حواسهم ، و تداعي خواطرهم بالوعي و اللاوعي. اخيرا صار الفيلسوف البريختي يرى وفق الانطباعات المعاشة لونا و حجما و كلمة ، و كذا وفق علم وقائع الشعور . اخيرا حول حلمه الى صور و الصور الى افكار. اخيرا صار الفيلسوف فنانا كما صارت الفلسفة فنا من الفنون.

كما عمد بريخت دون غيره كان ينقل كرسي القاضي الى الجمهور و الجمهور الى ركح الحياة.

اذن قدرة الشعب على التغيير الشامل الكامل الاعم ممكنة من وجهة نظر العالم الطبيب الدرامي الالماني برتولد بريخت ممكنة جدا.

بينماومن وجهة نظر الاديب الساخر صاحب الكوميديا السوداء ،  السويدي اليهودي غير ممكنة . كون ثورة الشعب تبدا شعلة ضمن شوط قبس التغيير ، لكنها سرعان ما ينطفئ لهيبها ، و يعود الشعب ، كالعائدين من الجنائز ، يرددون ترديدات كبديل ديني تطويبي ، يطيبون به خواطر بعضهم بعضا ، ضاربين لانفسهم موعدا مع ثورة اخرى ،  ثورة هروب من حجم ساعات يومية تضغط عليهم بكل ما يمثل الظاهرة الاجتماعية من تاويلات و اشكالات.

فكرة التغيير هذه قبل ان تكون فلسفة سياسية كانت ملحمية و شعرا دراميا.

و فيما كان هوميروس مقربا من السلطة اللاهوتية ، من الالهة و انصاف الالهة و الابطال . عاش عيشتهم ، رغد العيش ، كما امتازت ملاحمه بما امتاز به الاله. و بالتالي هوميروس كان اورستقراطيا سياسيا و اجتماعيا حتى النخاع.

بينما الشاعر (هزيود) كان يميل في اشعاره الى تمجيد الشعب ، اي ينتمي الى الحزب الديمقراطي ، نال ما ناله من الثعب الضنك ، و عانى من الفقر و الفاقة و الحاجة. حتى انه اعترف بالعصر الذهبي الذي عاشه هوميروس.

التغيير ممكنا الا ان لا ينبغي ان يعول عليه كليا ، فالشعب قليل الخبرة ، شبعان ثعبا ، غهو ينزل اعزلا لميدان لا يعرفه و لم يسبق ان تلقى معه تكوينا و لا تدريبا ، سرعان ما يكتشف نفسه اعزلا على ارض مكشوفة فيها اللعب مع خيوط لاعبيها خارج قواعد المسرح السياسي.

في حدود انتشار ثقافة السلم و التسامح ( التغيير) ممكنا ، و لكن كيف ؟ : تلكم هي المشكلة !.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *