جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

القراءة الإيطالية و عالمية الكتابة

القراءة الإيطالية و عالمية الكتابة

العقيد بن دحو

في عصر اثقله منطقه ، اصبح يعيش فينا اكثر مما نعيشه ، مست بدورها جميع القيم المتعاهد عليها انسانيا و انسنة الانسان ، حتى اضحى يسمى - رغم كل شيئ- بعصر القارئ حتى ان كان لايقرا ، بالمعنى السوسيوادبية كعمل (رابع) .

واذ الانسان هو يعمل يتفتت ، صار شيئا من ضمن الاشياء في زمن الليبرالية المتوحشة التي منحت قيمة مادية لمختلف القيم. بدورها انتقل هذا الى ما يميز القراءة كفعل وعمل الى ( المقروئية) كحالة سوسيو سيكولوجية..

فصار للقراءة لونا ، اشارة ، و شكلا ، بل صارت لها بطاقة هوية وجواز سفر و جنسية . فالقراءة الايطالية مصطلح درامي حديث جاء في اواخر القرن التاسع عشر مع مسرح ( العلبة الايطالية) كفن زمكاني ، و كفكرة و كفعل. لم يقوم على مقام (ابولو) اله الشعر و العربدة ، الكلاسيكي النمطي التقليدي ، و انما قام على اختيارات الانسان ، اذ الانسان حر هو سيد تقرير مصيره ، و ليست الهة ( القضاء و القدر) !.

حيث حرية الانسان تبدا عندما تنتهي حرية الاخر. و سوف تكون نهاية هذه الحرية بنهاية التاربخ ، حين يعود مرتين ، مرة في شكل ماساة و مرة اخرى في شكل مسخرة.

و كان يتطلب من الفنانين الايطاليين يوم ذاك تغيير كل ما هو نمطي : السلوك ، التعبير ، الاشارة ، الحركة ، الفعل ، و الفكرة ؛ تلك الفكرة التي تغير وجه المحيط ، بل العالم.

القراءة الايطالية تلك التي تبدا بقراءة النص الدرامي قراءة اولية ( مناجاة) Prologue ، وتنتهي بقراءة ثانية ، دورا انفراديا يسمى (مونولوغ) Monologue  . اين بدوره المخرج يلقي بالممثل عرض الركح مباشرة ، ارضية اخرى ، جغرافية اخرى ، خريطة اخرى ، و كوكب اخر ، اين يبدا الجميع يشعر بالعزلة و الانعتاق عن عالمنا الواقعي الثقيل بضنك  و صعوبات الواقع الاجتماعي المعاش.

هذا الانفصال الاني ، المؤقت له وقعه في بداية تقمص الممثل لدوره المنوط به. دوره الذي يشبهه ، الذي كان يبحث عنه في مجرى  تاربخ حياته .

هذا النوع من القراءات لا يمكن فهمه الا من خلال البحث عن شيئ اخر. التعبير عما معنى الكتابة في مرحلة معينة من حياة الكاتب او المؤلف او الاديب. ان الانسان يعنى بالشعر في نهاية طور المراهقة ، اي المرحلة التي يهم فيها بامور اكثر عملية . ان معظم الصبيان يمضون جانبا كبيرا من وقتهم ، منذ سن الرابعة عشر حتى الثامنة عشر في احلام النوم و احلام اليقظة . غير ان الحلم ليس شعرا . ثم يصير هؤلاء شعراء في ما بين الثامنة عشر حتى الثانية و العشرين . اذا ما حولوا احلامهم الى صور .

حتى لقد قيل ، ان كتابة الشعر في سن العشرين ليست دليلا على ان هذا الانسان شاعر. بل يكون ساعرا اذا كتب في سن الثلاثين او الخمسين ، بعد مرحلة الصور هذه التي هي مرحلة الشعر ، قد تاتي مرحلة الفكر يصير الشاعر ناقدا او فيلسوفا . اذ الفيلسوف شاعر سابق لم يعد يعبر عنه بالصور ، وتعهد الفكر من اضمن السبل للتغلب عن الضجر ، الوحدة ، الملل و الكلل و الخوف  ، و من الهم و الغم.

اذن من خلال هذا الفعل و نقيضه في زمن عنوان الكتابة العالمية : الايطاليون لجاوا الى هذا النوع من (القراءة الايطالية)  كقراءة اولية لتحويل مختلف الاحلام الى صور ، و مختلف الصور الى افكار ، و مختلف الافكار الى افعال و هكذا....

كمعادل رياضي بغية الانتقال من عالم الواقع الى عالم الخيال وفرض واقع اخر على خشبة المسرح .

دون شك القراءة الاولية للاشياء لا تبوح بشيئ ، لكن اذا ما تعددت و تجددت كشفت عن اسرار مكوناتها و مكنوناتها ، كان من المستحيل اكتشافه لو ظل الممثل او غيره مكتفيا بقراءة واحدة .

فالكتاب الجيد  هو الكتاب الذي يدعوك ، بل يفرض عليك قراءاته نوبات متعددة ، اذ في كل مرة تكتشف احلاما جديدة   افكارا جديدة ،صورا جديدة ، و افعالا جديدة.

 و لعل كل واحد منا مر على مدرسته الابتدائية ، يوم كان المدرس المعلم في العهد الجميل يدعو تلامبذته لقراءة النص الممنهج المبرمج  قراءة صامتة لمدة عشر دقائق .

هذه هي القراءة الصامتة  هي القراءة الايطالية حاليا.  التي انتقلت من الدراما الى البيداغوجية

 يوم كان الكتاب المدرسي في صلب و مركز محور ثقل العملية التعلمية التعليمية. اما اليوم صار من ضمن النشاطات اللاصفية ، فلا مجال الحديث عن اي نوع من انواع القراءات ، لا القراءة الايطالية ، و لا من اي جنسية كانت.

هذه القراءة الجيدة المتانية الوازنة التي نريدها لحياتنا اليومية غير تلك التي تجرى بالعلبة الايطالية او بالعلب المغلقة ليظل ابنائنا مقتصرين على سؤال واحد و جواب واحد واسلوب حياة واحد. .



***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *