الحفرة في الراس و ليست بالطريق
العقيد بن دحو
سالني صحبي و
الغيظ يملا محياه متسائلا : انتم تكتبون على الحجر و الشجر و البشر. و تنسون
الطريق ، افلا تبصرون.... !؟
الزمت الصمت
برهة ، و لم اعرف ماذا اقول في حينها !.
تركت الكلمة
تتخمر في ذهني برهة. ثم تساءلت بدوري : هل هذه (الحفرة) بالطريق فقط؟ .
اعطوا الطريق
حقها.. ...!
الحفر يا
صديقي في كل مكان ، الخفرة بالطريق. الحفرة بالمدرسة ، الحفرة بالبلدية ، الحفرة
بالساحة العمومية ، و الحفرة بالبيت !.
الحفرة صارت
قضاء و قدر في كل مكان و في كل زمان .
الحفرة يا
صديقي بالتراكم و الاضافات. و مع الايام و التعود صارت جزءا منا. ان غابت يوما عنا
، شككتا في امرنا ، في رؤيتنا في رؤانا. ربما شواشا ما اصابنا : اين حفرة امس و
امس امس ، حتى اذا ما اصبحنا باليوم الموالي راينا رؤية اليقين الحفرة. تنفسنا
الصعداء !
تعودنا على
الحفر. صارت اكسير يومياتتا ،حياتنا !
تعودنا على
الطريق بين معبدة و غير معبدة ، تعودنا على الاشغال العامة ، اشغال توشك اللا
تنقضي ، تعودنا على المرفق العام وهو يدشن حديثا ، تنطلق الترميمات به في اليوم
الموالي !.
الحفرة يا
صديقي بالدماغ ، اكثر منها بالطريق !.
ماذا تنتظر
من تلميذ مدرسة وهو يصبح و يمسي على الحفر بالطريق ، ماذا تنتظر من مخرجات معلم وهو يتخطى هذه الحفرة ؛ ليعبر
الضفة الاخرى !
ماذا تنتظر
من مسؤول صبح مساء يعبر الحفرة. و كانها طقس من طقوس التعازيم القديمة . او كانها
اله من الهة المرور او العبور ، ( فال) لا يمكن العبور من خلالها. دون ان تتلقى
اسئلتها ( العقدة) !.
نسي المشرع
العالمي. واضع علامات و اشارات المرور ، ان يسنها. و يسطرها. و يقننها كنقطة دوران
.
يا صديقي.
المرء بما تعود عليه ، الخليقة هنا ، البسيطة تعودت عن رؤية الحفر. و صارت متفهمة لاسباب وجودها. و ما ادرانا لعلها تصنف كتراث وطني. ينبغي
المحافظة عليها !.
الساكنة لم
تعد تطالب بازالة الحفر. صارت جزءا لا يتجزا من حياتهم الحفرية !
الحفرة صارت
حلما ، الحفرة كلمة ، الحفرة فكرة ، و الحفرة صارت فعلا.
الحفرة انجاز
قرن ، مادامت متجلية مدخلات يوميات تلميذ مدرسة ، معلم ، موظف. تاجر ، الغريب كلما
ازدادت هوتها اتساعا ازدادت قيمتها ، و سطرت حولها الاساطير و توالت عليها البركات
و التبريكات ، بل صارت طقسا دينيا و دنيويا ، تقدم له المزارات و الاغياد و
القرابين !.
حتى اذا ما
سقط طفل بالحفرة ، كفيف ، عجوز ، سجلت التهمة ضد هذا الشخص ، لم يتخذ كافة
المحاذير و الاحتياطات الامنية الضرورية .
و اذا ما كان
الضرر بليغا نسب السبب الى القضاء و القدر ، و ان عولم السبب بطل العجب !.
ابشر يا
صاحبي ، الحفرة صارت حفرا ، تكاثرت و تناسلت. وها هي اليوم كالترفاس ، كالكماة ،
في كل مكان ؛ علامة مميزة ، و اشارة عن حلمنا الكبير ، مشروعنا الكوني ، القومي
الوطني ، شهدته ، و عايشته مختلف الاجيال .
كان لك ان
تفخر بالحفرة التي اصبحت حفرا. لا ان
تتشظى غضباو غيظا ، كن ككل الناس
اجزم تسلم ، متفهما ، الزم الصمت و اعبر فالحفر مامورة. تسكنها ارواح شريرة ، ان تسكت على من لم يقدرها و يجلها و يحترمها
!.
الحفر صارت
جزءا من كياننا البشري دما و نفسا وروحا... ما يميز القيم السياسية الاجتماعية
الثقافية الاقتصادية . ما بقي الادسنرتها و هكذا يصبح من حق كل فرد حفرة ، بعد ان
فشل في انتزاع حقه من الريع.
حق المواطن
في الحفر. بعد ان ضمن اخلاقيا حقه في حفرة
يواري بها سواة جسده من التعفن و التحلل بعد الموت !.