جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
الحكمة الضائعة... قصة بقلم: ياسر الششتاوي
ــــــــــــــــــــــــــ
أحب كتابة الحكم، فيها أعبر عن تجاربي، أو ربما تجارب من حولي، كلمات قليلة قد تلخص أشياء كثيرة، وكم من أحداث كبيرة وسنوات عديدة يمكن أن تقبع في كلمتين، فسطر واحد من الحكمة قد يغني عن ألف كتاب، فسليمان الحكيم لم يكن نبياً ، ولكنه نال مكانة كبيرة بفضل حكمته، وقال الله تعالى ( ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا)، لهذا أظن أن كتابة الحكمة والحصول عليها مهمة مقدسة!!


كل حدث كل مشاهدة كل مكان كل أثر أحاول أن أنتزع منه حكمة ما، وأدون هذا، حتى يأتي اليوم الموعود ، وأنشره على الناس، وهذا شيء أعده من أكبر إنجازات حياتي حينما يتم كما أتخيله.
في كل مكان أذهب إليه معي الورقة والقلم، كي أكتب ما يحصده عقلي من حكم ، وكي لا أنسي شيئاً، فالذاكرة كم خدعتني كثيراً، مع أنني قوي الذاكرة ، إلا أن الذاكرة كم كبتْ بي، ولم تكن في مستوى الوفاء المطلوب في كثير من الأحيان، فالقلم أشد وفاء من الذاكرة.
كم مرة تأتي إلي ذهني حكمة ، في العمل أو في الطريق وعندما أذهب إلى البيت أحاول أن أتذكرها فلا أجدها، كأنها مسجون هارب من سجنه ، ولا يتمنى أو يريد أن يعود له أبداً ، وبهذه الطريقة كنت أخسر الكثير من الحكم، حتى قررت أن يكون معي الورقة والقلم أينما أذهب.
في ليلة كنت عائداً من العمل في قمة التعب، وأتمني أن آخذ السرير في حضني أكثر من أي شيء آخر، ولكن الذي يؤرقني أن معظم أفكاري الرائعة تأتيني وأنا علي السرير قبيل النوم، وكان أن هبت على ذهني حكمة رائعة ، ربما أروع ما حصدت أو سأحصد من خمائل الحكمة الوارفة، فرحت بها جداً، وظللت أكررها بلسان عقلي أكثر من مرة حتى تثبت به، وهممت أن أقفز من على سريري، وأقوم بكتابتها كي لا أنساها، لكنني تكاسلت بفعل التعب، قلت سأكتبها في الصباح فأنا أحفظها جيداً ، وأخذني النوم في تياره ، حتى رسوت على شاطئ الصباح، وكان بالطبع أول ما فكرت به أن أكتب حكمتي الغالية، ولكنني لم أجدها في ركن من أركان ذاكرتي، أفتش ثم أفتش، بلا جدوى، أين ذهبت حكمتي الغالية؟!، أين ذهبت؟؟ أكاد أجن ، أنني كنت أظنها جوهرة الحكم حينما هبت على ذهني، فكيف تضيع بهذا السهولة؟!!
أحاول ثم أحاول ، وكأنها فص ملح وذاب، ورحت ألوم نفسي كثيراً أنني لم أقم بكتابتها أول ما أشرقت على ذهني، ولكن الشيء المؤسف أن كل من يكلمني من أولادي أو زوجتي في هذا الصباح أنفعل عليه بشدة ، نتيجة فشلي في الحصول على حكمتي الضائعة التي كانت بين يدي من ساعات، وسألتني زوجتي عن سبب انفعالي الصباحي، فحكيت لها القصة ، فابتسمت فقط أمامي، وربما لم تضحك بشدة مراعاة لشعوري، إلا أنني أظن أنها فعلتها في المطبخ، وعندما دخلت علي بطعام الإفطار، وجدتني أضرب رأسي في الحائط ربما تعود لي حكمتي الغائبة، فراحت تمسك رأسي، وتقول لي: ليس من الحكمة أن تفعل ذلك!!

***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *