ميلاد أديب ونهاية الدعم
======العقيد بن دحو=======
أمر محيّر حقا الأدب ومن يدور في فلكه سوسيولوجيا , سواء بدائرة الكتاب او الناشر او المؤلف ووصولا الى المكتبي والطبع.
ولأن تشابك وتعقد دواليب صناعة الأدب وصناعة الكتاب حلما وابداعا وفكرا وفعلا وثقافة وحضارة , كان لا بد لعلماء وكبار رجالات الفكر والأدب والثقافة أن يحددوا تاريخا معلوما محددا ليوم ميلاد الكاتب الأديب ولو افتراضيا على الأقل , حتى يسها دراسة الظاهرة والقبض على وحداتها واحداثها واحداثياتها , انطلاقا من لحظة معينة زمنية محددة.
صحيح ظهور الأدب وميلاد الأدب والأديب قدم التاريخ , منذ ظهور وجود الإنسان بكل انواعه على هذه البسيطة ووصولا الى هذا الانسان المعاصر سيد ومحور ومركز ثقل الكون جميعا. ولأن الأدب صار اكثر ارتباطا بالانسان وانسنة الانسان على محور العرق والبيئة والتاريخ , وبالذكاء البشري وفق مهنة الأدب الحديث.
اذا كان لابد من تحديد تاريخ رمزي لطهور الأديب هو عام 1755 , المتزامن لتاريخ ظهور رسالة (صموئيل جونسون / Samuel Johson ) الى (اللورد تشستيرفيلد/ Lord Chesterfeild) يرفض فيها مساعدة كان قد إلتمسها منع عبثا قبل عدة سنوات.عندما كان يعد المعجم ويقول فيها :
" سيدي لقد مضّت سبع سنوات , منذ الوقت الذي انتظرت مقابلتك وطردت من بابك , طوال هذه الفترة تابعت عملي عبر صعوبات من العبث دون ان اتدمر منها وقد صرت على وشك نشر كتابي بلا أية مساعدة او كلمة تشجيع او ابتسامة محاباة ".
ان هذا النص الصريح الفصيح إيذانا واعلانا عن اعلان وفاة رعاية الأداب بقدر ما يعلن على طرف نقيض ميلاد الأديب نموذها وامثولة.
حقا اليوم وفي ظل ( النهايات ) .... وجميع السلطات على الأديب مهما تكن هذه السلطات أفقية او عمودية. حقا يطلب الأدباء والمبدعون من دولتهم دعما ورعاية بلا من ولا مزية , بل تنزلهم منزلة التكريم وتحفظ كرامتهم بغض النظر عن تلك الجوائز التي ترصد من حين الى اخر بإسم السياسة.
صحيح أدبنا اليوم و أدباؤنا هم ينتمون الى الطبقة المهنية العمالية الوظيفية الوسطى ما بين الأوليغاركية أرباب العمل والسلطة التنفيذية والطبقة الفقيرة , لا يقوون على تأسيس ورصد جائزة مستقلة تكرم وتقيّم الكتاب حتى من دون رائز معين ما.
لذا على الأقل احسن تكريم واحسن جائزة تمنحه الدولة بجميه سلطاتها ان تمنح الأديب والكاتب والفنان والمفكر والمثقف ادارة المرفق العام الثقافي , الذي هو يمثله ويقوم بجميع الوظائف الإدارية الثقافية التثقيفية المالية المادية بإسمه.
حديثنا اليوم عن ميلاد كاتب , كاتب لا يكتفي بالتفرج على الأحداث الثقافية او الرضى عن تلك الإملاءات الرأسية التي تملى عليه وهو سكوت والجهلة والغرباء يتكلمون !.
العالم اليوم وفي ظل الذكاء الإلكتروني البحث عن ميلاد أديب أخر , يرفض أكثر من ان ان تكون له القابلية للإستلاب الثقافي , وتجرى على مادته الرمادية عدة عمليات من لدن أناس غرباء كل الغربة و الإغتراب عن مهنة الأدب.
أديب حديث لا ينتظر ولا يقف على باب سلطان اعطاه او منعه , وهو يعلم مسبقا غتفد الشيئ لا يعطه.
***********************
***********************