من ألعاب الأطفال
في مخيم المحطة هاني الهندي
تضيق أزقة المخيم بتوقد نشاط الأطفال وحيوية تحركاتهم، تراهم في كل زقاق يقفزون، يرسمون خطوطا على الأرض، يفرون، يتراكضون، يدحلون الإطارات القديمة، وتعلو أصواتهم الحارة، ينهرهم بعض الجيران. الوحيد الذي كان ينظر إليهم بإشفاق أبو موسى الديرباني، يرى فيهم طفولته في دير أبان مع أترابه يمارسون هواية صيد العصافير في الكروم، أو لعبة (البنانير) في الحواكير، ولعبة (قص اعْظِّيم) من الألعاب الليلية التي كانت تنتشر في أغلب قرى فلسطين.
في داخل المخيم لا يوجد ساحات يمارس فيها الفتيان لعبة كرة القدم، وإذا رغبوا في ذلك يتوجهون إلى ساحة الميدان، وهي الجزء الذي تبقى من ملعب المحطة القديم بعد وصول المهاجرين عام 1948. أما الأطفال فكانت كرتهم عبارة عن جورب محشو بالقماش يتقاذفونها داخل الأزقة.
يبتسم أبو موسى عندما يرى الأطفال يمارسون لعبة (عرب ويهود)، فرح عندما سمع الطفل عمر يرفض أن يقوم بدور اليهودي في اللعبة، يسمعه أبو عمر وهو يقول: أنا عربي، أنا مع العرب. وإذا رفض قائد اللعبة طلبه يحرد عمر ويرفض اللعب، يبتسم أبو موسى ويتمتم: الحمد لله رب العالمين.
تقوم هذه اللعبة بقسم اللاعبين إلى مجموعتين؛ الأولى تمثل العرب والثانية تمثل اليهود، وكنا نصنع قنبلة يدوية ترابية بوضع حفنة من التراب داخل صرَّة من الورق، ويبدأ الهجوم والتراشق، كان بعض الخبثاء من الأطفال يضع حجرا مناسبا داخل صرة الورق.
نعم، لم ينفصل أطفال المخيم عن واقعهم الاجتماعي والسياسي الذي انعكس على ألعابهم، حيث ترى في بعض ألعابهم روح التخطيط العسكري والقتال، وهذا طبيعي لطفل عاش بعيد عن وطنه نتيجة استيلاء الغزاة عليها بقوة السلاح، فبرزت الألعاب العسكرية الشعبية مثل: (الهاند أب) و(الخارطة) والحرب ببواريد نصنعها من الخشب. حتى في الأعياد كان أغلب الأطفال تحت سن العاشرة يرغبون بشراء المسدسات والبنادق ومجسمات الجنود والدبابات البلاستيكية من ألعابهم
1ـ لعبة الخارطة:
يختار الأطفال ساحة واسعة يقسمون أنفسهم إلى قسمين، وكل فريق يتكون من أربعة أطفال يختارون من بينهم قائدا، تجرى بينهم القرعة والفريق الفائز يقوم برسم الخارطة على الأرض مع وتوضيح الأماكن عليها، ثم ينطلقون إلى مكان مخبئهم حسب الخارطة، يقوم الفريق الثاني بدراستها ثم ينطلقون حسب الخارطة لمعرفة مكان الفريق المختبئ بعد تعيين أحد أفرادها حارسا للخارطة، فيرسل الفريق الأول أحد أفراده لمغافلة الحارس ومحو الخارطة عن الأرض، فإذا نجح في ذلك يعتبر فريقه فائزا، أما إذا فشلوا فإنهم خاسرون ويسجل للفرق الفائز نقطة، وتعاد الكرة مرة أخرى
***********************
***********************