هل فعلا
وراء كل ثروة كبيرة جريمة كبيرة
لطالما
أعتبر الإغريق القدامى الثروة بالحكم - مهما كانت طبيعته - واعتبرت الحكم بالكنز .
وبما أن الحكم سنّت وسطرت له قوانين ومساطر سماوية وارضية , خشية من ضياعه او
التحكم فيه من قبل فئة معينة محددة بالجنس والتاريخ والبيئة كما يقول ( Taine ). وفساد
الحكم واحتكاره يفسد الثروة , أنى كانت هذه الثروة مادية ومالية او معنوية او
متمثلة بالقيّم الانسانية وبمختلف التيارات والمذاهب والمدارس والبيانات والمناهج
والبرامج السياسية...الثقافية...الاقتصادية...الاجتماعية.
لذا لا غرو ان جاءت في مجرى الزمن احكام وتشريعات أخرى تحمي الثروة
والحكم معا , كالحكم الراشد القائم على المحاسبة والمراقبة اساسا , وعلى طبيعة
الحكم الديمقراطي , تلك الحضارة الديمقراطية التي تنشد الحرية ضمن المساواة ,
وتضمن الخبز للفقراء والترف للأغنياء حسب قاعدة القانون الدولي وعدالة توزيع
الثروات على الناس اجمعين.
صحيح الفيلسوف صاحب مقولة: وراء كل ثروة عظيمة جريمة الشهيرة .
فرانسيس بيكون فيلسوف وكاتب ورجل دولة انجليزي , لكن للمقولة كالكتابة عموما لها
طقسها الخاص والحالة الخاصة والظروف الطبيعية وغير الطبيعية التي كانت تحيط بها
آنذاك.
كان لها تأويلات شتى نفسية اجتماعية ثقافية واقتصادية ايضا بما أن
الحديث حول الثروة.
واذا كانت الثروة تبنى بالتراكم وبالاضافات , وليست بالصدفة وعن طريق
الحادث الإصطدام الذي تكلم عنه المفكر المستشرق المفكر روجي غترودي / او رجاء
عترودي.
اليوم والجزائر تعرف بدورها هزات , واعادة جدولة الحساب مع حاكم الأمس
الذي لم يحسن التصرف بالثروة واضاع الحسنيين معا.
طبيعي وقتئذ أن يثور الحراك , ليعيد الاتزان بيم الانسان والمحيط ,
بين الثروة والحكم. اذ الفساد بمجرى التاريخ لم ولن يبن أمم ولا اوطان عظيمة , بل
كان الحارقة , ويسهل جلب الاستلاب والاستعمار من جديد , عندما تهرب الاموال
والثروات ويحرم منها المواطن والوطن على حد سواء.
وراء كل ثروة كبيرة جريمة كبيرة , قتل حالة افتك من جريمة القتل , بل
قتل الانسان وقتل الوطن معا.
وبالعودة الى الأثر الاغريقي القديم من جديد كفضيلة : الجريمة لا تفيد
, ومهما كانت الجريمة مخادعة واستطاعت ان تنفذ من اقطار العدالة بالتقادم او بأي
آلية مخادعة أخرى او حصانة او هروب ما...فلا بد للعدالة بالأخير ان تسود , كونها
متعلقة بالكون بصفة عامة , ومن حيث القانون لا يكون مناهضا للعدالة.
اذن لا تفرح كثيرا لأولئك البشر الذين قتلوا ضمائرهم وجهارا نهارا
يتطاولون بالثروة , ولا يشاركونها مع العامة ولا يدفعون الضرائب.
لابد بالأخير ان يسود العدل , بين نصير الثروة ونصير الحكم عبر آليات
تضمن حقوق العامة , وان صمتوا فإن صمتهم مؤجل الى بعض الوقت فقط.
وراء كل ثروة جريمة كبيرة , بأوليغارشية فاشلة استيقظت وهي نائمة
وملعقة ذهب بفمها , في حين الدول الكبرى والمتقدمة تسعى بالطرق الشرعية للإنماء
الشامل.
***********************
***********************