بائع
الهريسة أيام زمان هاني الهندي
في مخيم المحطة
هذا صوت أبو عدنان بائع الهريسة، وهذا جرسه، إنه في زقاق من أزقة
المخيم، تعرفه الأزقة كما يعرفه الأطفال، صوته يقترب، إنه يقترب، "العين اللي
بتوكل والثم اللي بلفلف" . يلمح أبو عدنان الأطفال من بعيد فيرفع صوته: وصل
أبو عدنان يا كتاكيت.
يتراكضون إليه حاملين قروشهم، يقطع لكل واحد منهم قطعة ويسمح لهم بحمل
جرسه وقرعه وهم مسرورون، إلا صالح ابن الأرملة يقف بعيداً وهم يلتهمون قطعة
الهريسة، يتلمظ ويقول في نفسه: يا ليت (أبو عدنان( يعطيني قطعة وأخرى لأمي. يلمحه
أبو عدنان فيرفع صوته منادياً: عزيز وغالي يا صالح.
يقطع له قطعة، يلتهمها صالح ويشارك أترابه فرحتهم.
هذا هو أبو عدنان الرجل الطيّب، رجل تجاوز السبعين من عمره، يقول أنه
كان يبيع الهريسة في قريته دير طريف قبل احتلالها عام 1948، وعندما وصل عمان حمل
سدر الهريسة على رأسه يدور الأحياء والحارات في منطقة المحطة، ينتظره الصغار
والكبار بعد صلاة العصر، وينتظرونه في شهر رمضان بعد صلاة المغرب.
يقول الشيخ عبد الجليل: كان بائع الهريسة في الأربعينات أبو عمر
المحروم، يتنقل بين حي الضباط وحي المعانيّة، إلا أنه لم يتذوق في حياته أطيب ولا
ألذّ من هريسة أبي عدنان.
اختفت هريسة (أبو عدنان)، إلا أن صالح ابن الأرملة ما زال ينتظر أن
يسمع صوت الجرس في زقاق من أزقة المخيم.
وفي أول الهاشمي الجنوبي كان محل (أبو عصام) للحلويات والبوظة، يعرض
بضاعته الشتوية من القشطة بالعسل والمهلبيّة والهريسة وكرابيج الحلب، وفي الصيف
يعرض البوظة و(الأسكيمو) والعصائر.
• ملاحظة: أبو عدنان بحمد الله يتمتع بصحة جيدة
***********************
***********************