في طفولتنا عمد أهلنا لاختراع شخصية وهمية ما لإخافتنا .... وغاية هذا
التصرف هو التحكم بنا وإخضاعنا لطاعتهم بالامتثال للأوامر والابتعاد عن النواهي
والمحظورات .... ولتلك الشخصيات تسميات مختلفة تختلف بحسب المدينة أو الحي وأحيانا
الزقاق ...فتارة (البعبع ) وحينا الغول وفي مكان آخر دب المطبخ أو (شمئرين الساحرة
) أو (خطافة الأولاد) .... وكم كنا نموت رعبا عندما نأوي للسرير فتحته دائما بعبع
أو غول قد يأكلنا إن لم نغمض أعيننا وننام من فورنا .... وكانت في كثير من الأحيان
تنجح شخصياتهم الوهمية تلك بإخافتنا وإخضاع تمرد طفولتنا ...وربما يزيد الأمر عن
حده فيتمكن الرعب منا حد الهلع الشديد وهنا يأتي الوالدان بما يسمى (طاسة الرعبة)
_وهي طاسة نحاسية منقوش في داخلها آية الكرسي وبعض الآيات الأخر من القرآن الكريم
_ يملآن الطاسة بالماء ويسقياننا ما فيها لإزالة الخوف ببركة القرآن الكريم وفي
غالب الأحيان كانت تنجح (طاسة الرعبة) بإزالة الخوف ربما للاعتقاد السائد بها في
ذلك الحين ....باختصار كل ما كان يفعله الأهل هو اختراع خوف لإخضاع الأطفال ومن ثم
معالجة خوفهم ( بطاسة الرعبة ) .... وطبعا هذا الأمر لن يكون مجديا حين يكبر
الصغار.
ما تقوم به القوى الاستعمارية الكبرى الآن مطابق تماما لما كان يقوم
به أهلنا في صغرنا .... تخترع بعبعا يسمونه القاعدة حينا وداعش أحيانا وتسميات
أخرى من أبو سياف وأبو...وأبو.... وأبو.... ولكنهم يجعلون تلك الوحوش حقيقية وفي
أغلب الأحيان يفلت زمام الأمر من أيديهم .... ويفلت قياد هذا الوحش من سيطرتهم فلا
يعود بمقدورهم السيطرة عليه أو التحكم فيه .... ورغم ذلك فإنهم يضخمون قدرات تلك
الوحوش ليرهبوننا بها ويوهموننا أنها تسكن تحت سرير ضعفنا وأنها ستأكلنا إن لم
نغمض أعيننا عما يجري وننام عن كل الأحداث المحيطة بنا .... فإذا امتثلنا للخوف
واستسلمنا للرعب المزعوم نكافأ (بطاسة الرعبة ) خاصتهم وهي التدخل في بلادنا
لمحاربة البعبع .
لكننا كبرنا الآن وبات مشهد التخويف بالشخصيات الوهمية لا يخيفنا ولم
يبق لنا إلا أن نعالج خوفنا (بطاسة الرعبة ) خاصتنا ....( طاسة الرعبة ) نقش فيها
القرآن الكريم فأزالت خوف الصغار ....إذن لم لا ننقش القرآن الكريم في صدورنا فلا
يلامسه خوف بعدها ....لعله الحل الوحيد لخوفنا المزمن من كل ما حولنا ....تمسكنا
بديننا وبقرآننا هو العلاج الناجع والوحيد للخوف.
...... جمال الأغواني
***********************
***********************