قصة
" ربيع الفصول أنت "
الفائزة بالمركز
الثالث مكرر
بقلم / جميلة حسونة
من الجزائر
. ....
ومرت صباحيات رمادية ، ومشمسة أخر ، كما تعاقبت ليال غسقية
وأخرى ثملة بضوء القمر ، وأبناء مدينتي ثابتون لا يخشون حروف الليل ولا يتعثرون
أثناء كتابتها ، وبالرغم من صمت الشتاء يستيقظون باكرا على تنهيدة الفجر المتأنق
بوقار البسملة وبوح التسابيح ، ويهرعون لفتح النوافذ المطلة على كل الجهات ...
جميعهم ....
كبيرهم وصغيرهم مهووس بمحاربة الغبار الذي يلج من النوافذ ذاتها ..
هكذا علمتنا أمي والتي بدورها حافظت على وصية جدتي . قالتها شروق وأدارت
أرنبة أنفها بحركة تنم عن الثقة والإعتزاز ، تقول أمي :
مازلت أتذكر صدى تلك الوصية ، لقد إخترق تجاويف آذاني ليستقر في كنه
الذاكرة ، " عليكم بنفض الغبار قبل أن يغزو خارطة الغرفة ويغتصب تضاريسها
العذراء ويتهمنا أشراف القبيلة بانعدام الحياء " .
يا ابنتي ...
" غزو الغبار يؤدي لضيق المجاري التنفسية وبالتالي
يستوطن مساحة أعماقنا ، غزو الغبار حيث يكون المقام المحمود للعنكبوت وإن كان
أوهنها ، لقد أوصانا رسولنا الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام بنفض الفراش ثلاثا
،وأضافت شروق :
نحن أيضا محصنون.
فتدخل شقيقها متعجبا :
لم أفهم ذلك يا شروق !
أجل ، يا وئام ، نحن أمة تكسر صيامها بحبات تمر فردية، وقد أثبت اﻹعجاز
العلمي أن تناول التمر يولد هالة حول جسم الإنسان ، وأكد أيضا أن تلك الهالة
الطيفية ذات اللون الأزرق تشكل درعا واقيا وحاجزا مانعا للعديد من الأمواج
الكهرومغناطيسية اللامرئية من الجن والعيون اللامة فيصبحون غير قادرين على غزوه
واستعباده. فقاطعها وئام قائلا :
ولكن هناك سؤال يؤرقني ، وهو أن ذرات الغبار لطالما تنفعل في فصل الربيع
ونحن نحاربه على مدى الفصول كلها؟ !
فأجابته شروق قائلة :
رغم كثرة الغبار وتعدد نوعيته إلا أنه يبقى غبار ، أما غبار الربيع الذي
تساءلت عنه ، فهو لجب كالحبب يطفو في الأقداح هنيهة ثم يتفجر ويتلاشى ليحل محله
سديم جبار ينفث من شره ضبابا سرمديا ، إنه خريف كل الفصول ...
ربيعهم ..
خريف الأزمنة أنت
يا أيها المتكبر
المتجبر
المتهجد
الحارس لمملكة ابن مرة على أرض النسيان، همجية همساتك حتى التمدن، نارية
لمساتك حتى التهجن، ضحكاتك شظايا من أصداد البركان. ..
وربيعنا. ..
ربيع الفصول أنت
وكل الفصول شتاء
فإذا ما اعتراك برد
كنا لك رداء ...
جميلة حسونة / الجزائر
***********************
***********************