قصة / جــــداريــــة
الفائزة بالمركز الثالث بمسابقة
القصة القصيرة
* بقلم القاصة / مرفت محمد يس / مصر
فى يـوم شديد الحـرارة ، مـن أيـام
أغسطس ، جـالسة قبالته مسنـدة ظـهرى لـجذع نخلة عـجوز فى تلك البقعة الهادئة ،
الخالية من البشر فقط ...أنا وهــو.
أشعر به ينادينى ، لأنزع ملابسى
التى تثقلنى كهمومى ، أفك غطاء رأسى تاركة العنان لخصلات شعرى لتتراقص مع نسمة
خفيفة عابرة ، أفتح أزرار بلوزتى القطنية العلوية ، وأغمض عيني للحظات، أرانى عروس
النيل تأتى لحبيبها" إله الخير" ، على أمل لقاءه وجسدها المنهك ممتلئ
بالرغبة ، أفتح عيني لأسير باتجاهه ، فجأة، يلوح لبصرى مشهد لجسد عار، يقف قبالتى
، يواجهنى بظهره واقفا يتحسس الماء بقدميه ، تراجعت خطواتى وجلست ثانية أراقب
المشهد ، يغترف بيديه من النهر، يشبك ذراعيه كأنما يحتضن جسده بتلك القطرات ،التى
أستشعر سقوطها على جسدي أيضآ ، يدلك أجزاء جسده بالماء بلمسة تشوبها الشغف .
أتساءل من أين أتى ؟
يبدو مثلى وحيدا ، جاء يستأنس
بالنيل ، ويغتسل من همومه ، يـفــتح ذراعيه كأنما يحتضن البراح على مد البصر ، كل
ما أخشاه أن يلتفت فيرانى ، يستمر فى تحسس أعضاءه وكأن قوة غريبة فى الماء تثير
رغبته وتسيطر عليه فيستسلم لها .
رجفة تنتابني وكأن تلك القوة تزحف
نحوى ، فتوقظ بداخلى رغبة مكتومة لأتحسس جسدى مثلما يفعل ، أضع يدى على صدري
،أنفاسى تعلو قليلا ، أخشى أن يلتفت فيفقدنى متعة التلصص ، لكنه يجلس فاردآ قدميه
لتلمس كعوبه الماء ، جسده فارع الطول، و ملون بطمى النيل ،لم يستمر فى جلسته طويلا
، ينزل النيل يسبح مبتعـدآ يسير فى اتجاه الشرق كأنه "حابى " يعبر ليوقد
شمعة لحبيبته "إيزادورا " التى فشل فى انقاذها كما تقول الأساطير
القديمة ، لا أدرى كم من الوقت مــر ، وأنا أنتظر عودته إلى أن بدأ يطفوا عائدآ
،خارجا من المياة ،
ارتدى ملابسه الداخلية وقميصا خفيفا
من ثوب أبيض ثم جلابية فلاحى واسعة الأكمام ، ولف فوق رأسه عمامة بيضاء ، زادت
وجهه شبها بصور الجداريات المحفورة بدقة على جدران المعابد ، وأمسك عصا يستند
إليها ورحل دون أن يرانى ...........!
مرفت محمد يس
مصر
***********************
***********************