جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

قصة / ألزهايمر

الفائزة بالمركز الثاني بمسابقة القصة القصيرة  بمسابقة اتحاد المثقفين العرب

بقلم القاصة / بثينة الدسوقي / مصر

......

يبدو الإبقاء على الصلات الإنسانية في عالمنا المعاصر أمراً شديد الصعوبة!

وضعت علامة تعجب كبيرة في نهاية هذه الجملة التي كتبتها على صفحتي في الشبكة الإجتماعية، كُتبت علامة استفهام أولاً نتيجة اهتزازات المترو ولكني قمت بإعادة تحريرها، ووضعت الهاتف في جيبي بجوار القلب، كم حذرني الصغير من وضعه بهذا المكان! لكني لا أستمع لكلام الصغار! بدأت الرنات القصيرة تتوالى؛ لابد أنها إعجاب من الأصدقاء كلهم بهذه العبارة، كلهم، بما فيهم من هم غير أصدقاء بالفعل!
اهتز المترو مجدداً فترنحت شابة واقفة تمسك بالعمود المعدني، نظرت لها طويلاً ولم أعرض عليها مقعدي، لم يفعل أحد، العالم يتغير ولم يعد بإمكان أحد أن يتنازل عن أي شيء حتى لو كان مقعد في المترو!
نظرت في ساعتي وانتابني القلق فقد أتأخر على ميعاد العمل ويكون مصيري الطرد من مصنع الباشا لو استمر الترام على هذا البطء! سيقتلني مرزوق أفندي رئيس الوردية فهذا هو تأخيري الثالث هذا الشهر، لكني أحب مرزوق أفندي فهو رغم كونه "دقّة قديمة" إلا أنه رجل الشدائد والملمّات ورغم إن كلماته نافذة عند الباشا فهو لم يستغلها إلا ليعيد الحق لصاحبه، ليته فقط يتخلّى عن الطربوش!
..
استندت برأسي على الزجاج الذي يجاورني فانتقلت الإهتزازات إليها ولمحت الحوائط المجاورة تسير بسرعة الريح عكس الإتجاه بينما اختفت المحال واختفى الناس وساد الظلام رغم أننا صباحاً! اعتدت هذه الغرائب واعتادتني فلم اتوقف عندها طويلاً وذهبت بخيالي لزوجتي التي سأفتقدها خلال ساعات العمل الطويلة، أحب عزيزة جداً وأتعلق بها كطفل، وهي تحبني جداً، ألمح هذا في عينيها كل صباح وكل مساء، أتمنى أن تظل معي كل لحظاتي، ومعها محمد وسميرة أولادي وقرة عيني، أتمنى أن أذهب معهم في مكان جميل، ونهرب من ضغوط الحياة والمال وراتبي الصغير، ومشاجرات الجيران ومظاهرات الطلبة ومطاردات الديٌانة! أتمنى أن يشفى محمد ابني من هزاله المستمر، وأن .....
لم يأت الكمساري حتى الآن! لم يظهر بالعربة منذ ركبت!
جاري يلتفت إلي ويسألني عن الساعة فأخبره، فيرد أنها حتماً معطلة، ننظر معاً في الساعة، يؤكد ثبات عقرب الثواني وأؤكد حركته، فيبتعد عني، يبدو خائفاً!
يرن الهاتف بجوار القلب فيأتيني صوت غريب...
بابا، انت فين!!
في طريقي للمصنع
أي مصنع؟ بابا من فضلك قول انت فين؟!!!
انت مين، دة مش صوت محمد ابني!!
ممكن تخلي اي حد معاك يكلمني، ارجوك
انظر للهاتف قليلاً واعطيه لجاري الذي يتناوله ويحادث المتصل
...
جلست مع جاري في المحطة قرابة الساعة متأففاً من التأخير، وأكلت الحلوى التي اشتراها لي وشربت العصير.
جاء أحدهم وكان رجلاً سميناً سكن الشيب شعره، جاء لاهثاً ممسكاً قلبه يغشاه العرق وشكر رفيقي كثيراً وحاول منحه المال، راقبت الرجل يرفض ويؤكد انه فعل ذلك لوجه الله، أدرت رأسي وهممت بالوقوف والسير بعيداً فأمسك بي القادم من ذراعي
ثواني يا حاج، أصبر يا بابا، هنروح البيت حالاً
أنت ابني؟ أنا أبوك؟!!!
حانت مني التفاتة فرأيت انعكاس وجهي في مرآة مغبرة على الحائط، كان وجهي غريباً جداً!!! وجه رجل عجوز جداً، جداً.
....

بثينة محمود الدسوقي

(بثينة الدسوقي)
مصر

***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *