جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

الفنان الجزائري يطلب حقا لا صدقة


الفنان الجزائري يطلب حقا لا صدقة
العقيد بن دحو 
الظاهر أننا تناسيناه في زحمة الأحداث الضاغطة على الأنام والبسيطة شاقوليا وعموديا وبجميع الأقطار , كتلة ومسحة وحجما ولونا ونوعا.
الفنان الجزائري الذي صار يذكر كالدعاء بلا رجاء إلا في يوم بائس لا أحد يحتفل به به سواه ان وجد. لا يذكر إلا ببطاقة فنان يوم يغيب الفنان , تماما كما تذكر بطاقة شفاء يوم يغيب الشفاء , وبطاقة تضامن يوم يغيب التضامن.
بطاقة بائسة وكأنها خارجة من عام الرمادة تشبهه , لا تستطيع أن تغنيه من توقيف حاجز أمني او تترك له مبدأ الأفضلية ولو بكلمة عجفاء باردة ترتعش خجلا من املاق.
الرجل الذي يظهر في غير صورته الحقيقية , كم يتمنى لو كان ( شجاعا) مثل ذاك المتسول او الطفيلي او المرتزق او حارس موقف السيارات , وانزوت به زاوية زقاق رقيق يمد يده أعطوه الناس او امتنعوا , كم تمنى ان يمسك بتلك العصا لمن عصا ويلوح بها بأوجه من يوقف سيارته اكثر منها ان يلوح بوجه لص اختطف من يد شابه بالثانوية او بالجامعة هاتفها المحمول.....
لكن أخذته العزة بالنفس وتمسك بإنسانيته يسكب نور الأحذاق في أعين الخليقة , إنه ملح الأرض , خلق ليزين العالم , ليعيد التوازن الشامل للمحيط , خلق ليمنح وليعطي كل ما عنده حتى الرمق الأخير , ومع هذا تبخل عليه البعض أولئك الذين يسمون انفسهم ( البعض) او يسمونهم لغة واصطلاحا ( هم) بمجرد مثقال ذرة كلمة شكر او ابتسامة محاباة.
كم نصحته والدته والده يوم كانا على قيد الحياة : الفن لا يؤكل خبزا ولا يورث غناء , ومع هذا خالف رأيهم...كونه خلقه الله مخالفا واصطفاه الله دون الملايين من اترابه , على أنه يمتلك موهبة مبدعا عطاءا سماويا وارضيا صوتا خلابا , خطا ويراعا راعيا.... وريشة تبارك خير الخالقين....ووجها وسمعا وبصرا يصر ويشد الناظرين , ولما أشتد ساعده وهو منتشي بما منح من عطاء رباني , منتظرا اليوم الموعود المعهود على أمل بسّام , يكرم فيه بخير الوسام يوشح صدره , ويقف على قبرا والديه كما وقف يوما على قبر ابائهم سائر العظماء يبشرهم أحياء وأموات بتحقيق أماليه و أمانيه.
وكم كانت خيبته كبيرة , يوم دار الدور عليه, يوم دار الدولاب الذاكرة وتذكر وصية والديه بأن يبعد عما هو مصمم عليه و أتخذه هدفا , لا مستقبل للمستقبل , لم يجد ما يقوله لنفسه وقد بلغ منه الكبر عتيا , ولم يستطع حتى بالجرائدالنظر بوجهه بالمرآة , وهو يدرس بالسليقة الملامح لم تعد ملامح , واليدان المكتنزتان القويتان صارت جلدا على عضم ترتعشان , ولم تعد تطاوعه على العزف على جميع الأوتار الموسيقية لفظا ولحظا واشارة او هم معا.
هاهو يستسلم أخيرا للأطباء , لأقوال الأهل والجيران , ويغار البيت التي سكن فيها دهرا وسكن اليها أكلا ونوما وشربا و أشياء أخرى , لأول مرة صار يدرك ربما هي الساعة , بل اللحظة الأخيرة التي يخرج منها هزيلا ضعيقا مستسلما مستكينا محمولا على سرير سيارة الإسعاف , وهو يعلم بأنه وصل المستشفى بلعبة الشوط بدل الضائع , سوف لن يضيع على المستشفى الكثير من وقته الثمين ولا على الممرضين ولا على الأطباء !.سوف لن يمنح فرصى الزيارة للأصدقاء الذين كانوا يشاركون الأمل الألم , ولا حتى الابتسامة الصفراء المصحوبة بسعال ثقيل قبل أن يلفظ انفاسه الأخيرة.
هو لم ينسأن يكتب وصيته ولا الأرض التي يوارى بها الترى والترية !.
ينام قرير العين طونه لم يترك بعده أصولا ولا فروعا يشتد بلاءهم بعده , ويشحذون ويبغضون لبعضهم السكاكين والسيوف على ارث مريض او ميت قبل الولادة..... ويموت مسلما الروح الى بارئها الى الحنان المنان رافعا أياه الى أفول لا يغادر منه مسافر ولا يظلم فيه أحدا.
يموت الفنان الجزائري به غصة لم يقل كلمته بعد , الكلمة الأولى والأخيرة , كان دائما يتكلم حينما لم يكن أحدا يريد أن يستمع إليه , كلنوا يظهرون مكانه بالتلفزيون بالإذاعة بالجرائد , ولكن في كل مرى أخذته العزة والأنفة والكبرياء أن يقف أمام وسيلة وجهاز من هذه الأجهزة ويقول لهم أنا مخالف صدقوني....!.
كان يعرف ردة فعلهم سلفا... قهقهاتهم الساخرة وغمزاتهم ولمزانهم وهمزاتهم الشيطانية , ينكفئ على ذاته ويعود ادراجه يحمله الحلم الجميل الصديق الوفي الذي أبى ألا يفارقه حتى بعد الحياة.
بالصباح الباكر وعلى قبر مجهول بائس مسكين فقير يحمل شاهد من حجر كتب عليه هنا يستشهد الفنان المجهول الذي ظل يكافح حتى الرمق الأخير للوصول الى هذا اليوم , يعلق على مقام قبره عرجون ثمر بعد ان كان بحياته مشتاقا لمجرد ثمرة !.
حقا يطلب الفنان الجزائري لا صدقة , مجلس أعلى للفنون والثقافة وذاك اضعف الإيمان.

***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *