في الغالب ما يجب قتل نسر (بروميثيوس)
العقيد بن دحو
جاء على لسان الأسطورو
العالمية وبالضبط في مسرد الميثولوجية الإغريقية : (بروميثيوس) : أحد الجبابرة/titanus الإغريق ,
سرق النار أو جلب النار من مملكة السماء (أورانس)/uranus للبشر بأمر
من (زوس) سيد النظام وصاحب الحكم الراشد فعوقب بربطه الى صخرة , وبعض الأقوال الى
شجرة حيث كان نسر يأكل كبده كل يوم ..... ويعود كما كان صحيحا في الليل , انقذه
هرقل.
كان هذا وعي الحلم
الجمعي , يبدو للعوام قص من القصص لا غناء فيه ولا يرمي بأي شكل من الأشكال الى
خدمة الموضوع.
بالحقيقة اسطورة
(برومبثبوس) هي أسطورة (الضمير).
الضمير وما أدراك ما
أدراك , ذاك الوازع الأخلاقي الذي يقود الواحد منا عموما الى الندم , بل يقود أكبر
المجرمين أحيانا وبعض تقادم غي جرائمه المتسلسله , بعض عجز الشرطة الأمنية
والقضائية القبض عليه , طوعا ودون أي ضغط خارجي , يستيقظ في أعمق أعماقه عملاق
صحرة الضمير , يقض مضجعه , يجعله لا ينام ليلا ولا نهارا , ولا سهدأ له بال ,
يستولي عليه القلق , يطلب الموت ولن يجده , فلن يتبقى أمامه سوى أن تحمل انقاضه
اقدامه و تقوده كإنسان مخدر الى مخفر الشرطة أو الى مقر الشرطة طالبا منهم القبض
عليه ومعترفا لهم دون أي كرسي اعتراف بوقائع الجريمة وكأنها وقعت اللحظة لم ينس
منها قذرة دم واحدة مهدورة مفدورة.
بالواقع علماء النفس
يسمون هذه الحالة أو من ألقى القبض على هذا المجرم هو ( الضمير) ويسمونه شرطي
الأعماق.
أذن تمثل أسطورة
بروميثيوس بالأسطورة الإغريقية ( الصمير) , و ( النسر) الذي ينهش كبده ليلا ليتجدد
نهارا , معناه : على الإنسان أن يغذي ضميره بالندم , فالندم أنفع للإنسان.
إلاّ يجب على المرء أن
يقتل ضميره , أن يقتل نسر (بروميثيوس) , نسره أباه أو نسر جده البشري (
بروميثيوس).
وهذه الحالة تشبه حالة
الجندي العسكري في جبهات القتال , وفجأة وهو في أوج المعركة يلقى القبض على عشيقته
, أومر بحراستها , وبعد أن تعرفت عليه وتعرف عليها , قابلته بكل عنفوان جمالها
وحبها السالف , وهي تترجاه وتحاول أن تتذكره بأخر أنفاسه و بأخر انفاسها لا يزال
يطوقا عنقاهما , ذراعيهما , صدراهما , جسديهما......... !.
وهو يعيش كوابيس اللحظة
, يحترب ويصارع نفسه بنفسه , يعيش تثنية الفعل و نقيضه بكل أوجه وتجلياته. من
السهل عليه أن يطلق سراحها , لكن أشياء و أشياء تشده عن الفعل.
- تسأله العشيقة
الأسيرة : ألم تعد تحبني ؟
- يجيبها الجندي : لا
أفهم لهذه العبارة معنى .... وهل فهمها أحد في يوم من الأيام؟
ولنفرض اني أحبك ماذا
بعد ؟
ربما لا أحبك في الشهر
القادم...فكيف يكون الحال ؟ سأشعر بأني كنت ساذجا... ولو فعلت ذلك و أٌلقي بي
بالسجن فسيتأكد لدي اني قمت بدور الساذج.أما اذا ارسلتك أنت حبيبتي الى السجن فسوف
أحزن وامضي ليالي قلقة....لكنها سوف تمر/رواية : داشيل هاميت/صقر مالطة.
في هذه الرواية البوليس
السري يسلم عشيقته للعدالة وللكرسي الكهربائي.
يكون قد تخلى بادئ
الأمر عن ضميره , قبل أن يتخلى على عواطفه وعلى عشيقته.بل يكون قد قتل ( النسر) أي
قتل ضميره.
كان مجبر هذا الجندي أن
يقتل ضميره انقاذا للضمير الجمعي الوطن.
غبكل أكيد خيانة الأوطان
من الخيانات العظمى التي لا يكفي فيها التخلي او التضحية بدبضمير واحد بل بعدة
ضمائر , جواء الخونة و الجواسيس حتى ان كانوا أقرب الناس ألينا قلبا وقالبا.
جميل صحوة الضمير ,
وجمبل أن نغذيه بالندم , ولكن بالغالب ما نكون مجبلاين وتحت باب المصلحة العليا
للوطن أن تتم التضحية بهذا الضمير ذاته وقتل نسر ( بروميثيوس) في كل واحد منا
نهائيا.
كنتم معي بمعنى الضمير
, واسطورة الضمير , من حيث الأسطورة لم تعد ميراث الفنون وانما ميراث العلوم
والإقتصاد والسياسة , ويستحيل اليوم على الرجال الحداثي ان ينمو بعيدا عن هذا
الإرث الإنساني حتى ان كان يبدو مجرد احلام جمعية مثلما يكون الحلم اسطورة الفرد.