في المساء
سلوى محسن
في المساء
تخرج القططة إلى الحدائق
يستكين الفشل في البيوت.
كما يدخل الحصى قلب العواصف
أسير بجناح واحد أتخبط في المكسورين
وفي البكاء نلتئم
تنحني النوافذ وترتفع كما في الحكايات الخرافية
على صدى أغنية
أسمعها ثلاث مرات كل يوم
عن ولد قلبه أوجعه
يتشاجر في الليل المتأخر
حين تزيح جارته سيارته المريضة
تجلس على مؤخرتها تسحقها بلمسات شرعية
تقشر وجهها
تضع مفتاحها في باب يقف خلفه
و ككل يوم تعتذر
أنا جارتك في الطابق العلوي!
لماذا لم يخبرها أنه السفلي
وأن لديه أزميلًا
يفتح السماء فتنزل منها كامرأة
لماذا لا ينتظر حتى المساء
ليسقيها
يرتوى من عينيها وجسدها الملتوى
كسلم بليت درجته الأخيرة
يتلكأ جامع القمامة عند بابه
يمتلئ وجهه بأسئلة تشبه الندم
أين صندوقك؟
ألديك أجنحة وحيدة؟
قلوب مكسورة؟
بعض السراويل المستعملة ؟
أكياس ورقية ؟
حزمة من كتب قديمة؟
أغنية بالية ؟
امرأة ترتدي قمصانًا قصيرة بأكمام عارية
أو تلبس جلدها؟
ألا تشرب البيرة أو المياه المعدنية؟.
تصعد أسئلته إلى الله
و تنزل مع أغنيته
و جامع القمامة كل مساء !
تشرب قهوتها
كبلدة ينتصب الحزن على أبوابها
كشواهد القبور
ينطلقان في الدردشة عن أي شيء عادي...
يبحثان عن الحياة في صفحة بيضاء.
كحفار آبار قديم نفد الماء منه
يتحدثان ليواجها النسيان،
يتكلم من تحت التراب ليطول لسانه
و ينقذها من العدم.
تتكلم لتفرك الصدأ وتنجو من جنته
من حاضر يمتلئ بالماضي !
ليس بمقدوركَ
أن تكون غاضبًا وبارًا في نفس الوقت،
كل يوم
وكأنك تختار أمك!
تلمسين الأرض بأطرافك لتحمي وريدك
من تعطل الدم.
متى تحلِقين
وكأنكِ رحم في تابوت؟
تنحرف عن خطك المرسوم،
ليحظى القاتل والمقتول بقبر واحد؟!
حدثونا في قاعات الدرس عن الخيال
وفي المساء يضربوننا
كمهزومين في اختبار الانصياع
كبُرت بصدر ممنوع من المد
بيدين تحترقان من اللمس
قرصوا أذني لأتعلم الإنصات فانكسر حلقي
أسير حافية
كيلا أضل الطريق إلى صوتي
إلى الليل.
أنام في قلب مسطح قليل التهوية
أفقد تركيزي كحبة رمل
ضلت طريقها إلى جوف محارة
لم تتشكل في الكبد الرخو لصدفة
كحفار قبور يتوه كل يوم
في جبانة!
ظل واحد لامرأتين، دار مجاز للنشر والترجمة، 2021.