القانون و العدالة في الفن و الأدب
العقيد بن دحو
العديد من محترفي ومن هواة الفن و الأدب عموما , الواقفون اعجابا , مندهشين ومذهولين , تحت وطأة الهائل التي تسببها لهم لوحة فنية رٌسمت بيد ماهرة آسرة ساحرة , أو أولئك المعجبين بمنحوثة اقونة فنية , أو أمام قطعة موسيقية سيمفونية , أو لوحى راقصة كوريغراقية , أو مشاهد تمثيلية او سينمائية , أو أما قصيدة شعرية أو رواية , أو أمام أي فن من الفنون الزمكانية , لا يدركون أن هذه ( التحفة) الفنية الأدبية شكلت نوعا من أنواع ( التوازن) النفسي الإجتماعي العضوي و الوجداني والعقلي , أو نقول أنها شكلت نوعا من انواع العدالة , أو أنها قامت مقام القضاء , فأنجذب اليها العام والخاص وامتلكتهم , اذا العدل أساس الملك.
يطرح أي فن من الفنون الزمكانية ما يسمى
بالعدالة الشعرية , كون مهما بلغت الجرأة و القوة (بأوديب ملكا) أن يكون مستبدا
بالأرض فسادا وكسادا بالأرحام وبالشعب و بإختراق قوانين الألهة , إلاّ أن بالأخير
العدالة الشعرية قامت بالقضتء والقصاص ونفذت وعدها , أطلق النقاد على هذا التقاضي
بالعدالة الشعرية.
معظم الروائع الكلاسيكية وحتى المقتبس منها تطور
حول فكرة القانون والعدالة , وهل القانون هو العدالة أم أنه قد يكون في بعض
الأحيان مناهضا للعدالة ؟
كان دائما الشاعر أو الأديب السيريالي لا يكتفي
أن يكون مجرد الشاعر الملهم , المبدع , الكاهن , الساحر , الجندي المقاتل , وانما
صانع (لوغوسات) أو هي مساطر أو قوانين , بعضها صماء ثابتة لا تقبل التأويل أ
الإجتهاد , وبعضها واجبا لا غير.
تماما كما كان الشاعر ( أبولينير) لا يكتفي
كشاعر أو صحفي أو ناقد , وانما كان دائما ينتهي الى أن يصير الموجه و المحرك
لمختلف جماعات الفنانين و كذا " الندوات الشعرية" / cènacles poètiques .
كانت جلسات الشعراء و لو أن معظمها تتم بالمقاهي
الباريسية و الأوروبية بصفة عامة , غير انها كانت تشبه بجلسات المحاكمة , فيها
رئيس محكمة , ور ئسش جلسة وقاض , وممثل الشعب و طرف أدعاء ومدعي عليه , وكذا
محلفين ورجال دفاع و محامين.
لذا لا غرو كان الديوان الشعري يجسد الديوان حقا
, وبالتالي يشكل ذاك الحوار الواع الجاد الهادف بين المؤلف و الجمهور.
اذن لم يعد القوانين ولا العدالة مقتصرة على
سلطة القضاء , وانما استطاع الفن والإبداع أن يستفيد من القضاء وكل ما يجري في دواليب
القضاء , ليصير القضاء أدبا يلون العدالة بطابعها الإنساني الفني الجميل , ويصير
الأدب قضاء يلون الأدب بقوانبن وعدالة شعرية , شريطة ألاّ سكون القانون مناهضا
للعدالة , و إلا عمت الفوضى و أفشدت على الجميع ( المحاكمة) بصفة عامة , ذاك
الإنطباع الأخير الذي يخرج به المشاهد أو المتفرج أو القارئ او المستمع او المشاهد
, ومن تمة لا بأس أن يقرر تكفيرا أم تطهيرا أو تفكيرا أو تغييرا أو هما معا بريختي
أو أرسطي أو هما معا.
صحيح كما قال ( بول فاليري) : " هناك أنصاب
تتكلم و أنصاب تغني " .
بمعني الأدب و الفن عموما قضاء الهائل المذهل
المدهش , والقضاء أدبا قانونا وواجبا وعدالة.
ليبقى الضمير واحد لا يتجزأ مادام الإنسان واحد
, سواء كان أديبا أو قاضيا. وسواء كان أدبا أم قضاءا.
ان بقي شيئ يستحق أن يصلى من أجله فهو
الضمير...علامة الجنس البشري و عزاء الإنسان....فكل ما يشير الى أن ننتمي الى نفس
النوع له قيمة انسانية.
أخيرا / لقد علمتنا جٌل المآسي الإغريقية أن
القانون و العدالة طرفان لمعادلة واحدة , اذا ما تعلق الشعب بشيئ صار قانونا أو
كما تقول الإغريق