____(على مقهى "الطلبة"بالزقازيق)____
*ولقاء عمالقة الفكر والأدب والفن*
___(صلاح عبد الصبور )____
""""""""""""""""""""""""
بعد المنشور السابق "قهوة البوستة فى
العتبة
..ولقاء غيَّر مجرى
التاريخ"..تذكرت لقاءاتنا المتكررة
على
مقهى"الزهراء"بميدان عرابى بالزقازيق،منذ أكثر من عشرين عاما،أنا
وأصدقائى الأدباء (ابراهيم
حامد_ابراهيم عطية_نبيل
مصيلحى_أيمن سراج).
والراحلين(محمدسليم
بهلول_صلاح محمدعلى_
مأمون كامل_سراج
موسى)وآخرين .
كنا ننتهى من ندواتنا
فى القصر أو إعلام جنوب،أو غيرهما،حيث كانت هناك لقاءات أدبية كثيرة،
إلى جانب الصالون
الفكري الذى كان يعقده الصحفى
(محمد سليمان)رئيس مجلس
إدارة "أخبار الشرقية"
فى نادى الشرقية
الرياضى.وكنا نختم يومنا بلقاء خاص وفريد..لقاء العائلة الأدبية،نفكر ونخطط
لمستقبل الثقافة بالمحافظة،واقتراحات تسهم فى حراك أدبى مستمر،ومَن كان لديه قصيدة
أوقصة
ويرغب فى سماع آراء
الآخرين..كان زمناً رائعاً وعلاقات سمَت بنا إلى مستوى العائلة المترابطة،
حتى كنا نفس الصحبة
التى تسافر لمعرض القاهرة
للكتاب،والمشاركة فى
تلبية دعوات المواقع الأدبيةفى المحافظات
والمهرجانات والمؤتمرات.
((ذكرياتٌ لاتُنسى
أبداً)).
_____
*فى جيل كان يسبقنا
بعشرات السنين ،بل كان معنا
شيوخ الأدب ،مثل
الراحلين(محمد سليم بهلول_مأمون كامل_سراج موسى_صلاح محمد على)كانوا معاصرين لذلك
الجيل السابق،فمثّلوا حلقة وصل بيننا وبينهم،وخاصة أن الشاعر (صلاح محمد على)كان
من كتاب الأغنية المشهورين،والذى كتب ل(محمد عبد المطلب_وردة_ميَّادة الحناوى)
وآخرين،فاستفدنا من تجاربهم وحكاياتهم عن هذا الجيل السابق.
*فعلى مقهى
"الطَّلبة"بالزقازيق،تعرَّف (صلاح عبد الصبور )على أصدقائه الشباب(مرسى جميل عزيز_
أحمد هيكل_أحمد مخيمر_عبد
الحليم شبانة"عبد
الحليم حافظ")الذى
كتب له عبد الصبور أولى أغنياته "لقاء"الذى تقدَّم بها عبد الحليم
للإذاعة
ولحّنها كمال الطويل.
_كان (هيكل)يتحدّث عن
الثقافة فى مصر ،
وموضوعات فكرية
ثريّة،ويستمع إلى شعر عبد الصبور ومخيمر ومرسى جميل عزيز،ويبدى رأيه
فيما يسمع،وقد أصبح
وزيراً للثقافة فيما بعد.
_ويُسمعهم (مرسى جميل
عزيز)آخر أغنياته،قبل أن يقدمها للإذاعة ،ويستمع إلى آرائهم.
_وكان(مخيمر وعبد
الصبور)يلقى كل منهما قصيدته
ليستمع إليه الآخرون.
_ويستمع(عبد
الحليم)للجميع مصفِّقاً :"الله..الله عليكم"..
*فى" شارع
الحمام"فى حى كفر الصيادين وُلّد (عبد
الصبور)فى ٣مايو
١٩٣١م،وترجع جذوره للصعيد.
_بدأ كتابة الشعر
العمودي فى الثالثة عشرة من عمره
..ثم توقَّف فترة،ثم
انتقل لكتابة القصيدة الجديدة،
ونال شهرته
بقصيدة"شنق زهران"وأكمل ديوانه الأول"الناس فى بلادى" فوضعه
بين روّاد الشعر الحُر.
_وكما ذكرنا كثيراً من
قبل..أن الشاعر الحق لابُد وأن ينهل من منابع شتّى ،حتى تثقُلَ موهبته ..فأخذ عبد
الصبور من الشعر العربى القديم،ومن أعلام التصوُّف
حتى تأثَّر بذلك المنبع
،فكتب مسرحيته الرائعة
"مأساة
الحلّاج"..شهيد الكلمة .لم يكن ذلك فحسب،
وأخذ أيضاً من الشعر
الرمزى الفرنسى والألمانى...
وأخذ من الشعر الفلسفى
الإنجليزى.وأفادته فترة إقامته كمستشار ثقافى لسفارة مصر بالهند ،بأن اطَّلَعَ على
كنوز الفلسفات الهندية،ومن ثقافات الهند
المختلفة.
_كان أوّل من أصدر
ديواناً فى ثورة الشعب الحديث
وخاض تجربة الكتابة
المسرحية والترجمة والنقد والمقال ،تأثَّر بكل المنابع التى أخذ منها،وكان صاحب
أحلام كبيرة لبلاده ،ورحل الفارس المناضل ،وبقيت
كلمته تحتفل به .ماذا
قال الفارس؟:
"..قد ينسى هذا
الكاتب أن الفنانين والفئران هم أكثر الكائنات استشعاراً للخطر،ولكن الفئران حين
تستشعرالخطر تعدو لتلقى
بنفسها فى البحر هرباً
من السفينة
الغارقة،أمًَا الفنانون فإنّهم يظلّون يقرعون الأجراس،ويصرخون بملء الفم حتى
ينفذوا السفينة أو يغرقوا معها".
_قصائد تمتزج بعرق
البسطاء:
ياصاحبى ،إنى حزين
طلع الصباحُ،فما ابتسمت
ولم يُنر وجهى الصباح
وخرجتُ من جَوف المدينة
أطلبُ الرزق المُتاح
وغمستُ فى ماء القناعة
خُبزَ أيامى الكِفاف
ورجعتُ بعد الظُّهر فى
جَيبى قروش
فشربتُ شاباً فى الطريق
ورتَّقتُ نعلى
ولعبتُ بالنّردِ
المُوَزَّع
بين كفِّى والصديق
...واقعيته_إنسانيته_إحساسه
المُرهف..عبقريته الشعرية ..مزيجٌ جعل بقصائده طعماً آخر ،يشعر به
البسطاء،قصائد تدفع
الريح للتغيير.
_قراءته الصوفية،أصقلت
وجدانه،قال:"أعظم الفضائل عندى هى الصدق والحُرية والعدالة،وأخبث
الرذائل هى الكَذِب
والطغيان والظلم،وأنا أعتقد أن هذه الفضائل هى التى تستطيع تشكيل العالم وتنقيته
،وغيابها يعنى انهيار العالم"
_من نفس عجينة الفلاح
المصرى،هو أحدهم،لا أحد
آخر : وعند باب قريتى
يجلس عمى مصطفى
وهو يِحب المصطفى
وهو يقضى ساعةً بين الأصيل والمساء
وحوله الرجال واجمون
يحكى لهم حكايةَ تجربته فى الحياة
حكاية تُثير فى النفوس لوعةَ العدم
وتجعل الرجالَ ينشجون
__________
لفظ حالم
قد يِولَد فى ليلٍ ناعم
فى حضن النيل الباسم
_______وفى (رؤيا)__
فى كل مساء
حين تدق الساعة نصف
الليل
وتذوى الأصوات
أتداخل فى جلدى أتشرّبُ
أنفاسى
وأُنادمُ ظلّى فوقَ
الحائط
أتجوَّل فى تاريخى..
أتنزّهُ في تذكاراتى
أتّحدُ بجسمى المُتفتّت
..
فى أجزاء اليوم الميّت
تستيقظ أيام المدفونة
..
فى جسمى المُتَفَتّت
أتشابك طفلاً وصبيّاً
وحكيماً محزوناً
يتألّفُ ضحكى وبكائى
مثل قرارٍ وجواب
أجدل حبلاً من زهوى
وضياعى
______إنه كان مجرّد
استدعاء للذكريات ..للإبداع..
للزمن الجميل...ولعبد
الصبور عبور إلى بعض من شعره ...لكن عبد الصبور يحتاج أن نقف أمامه طويلاً طويلاً.
___تحياتى(حامد حبيب)
الزقازيق_شرقية_مصر