خرزات القميص
حيدر غراس
١
الليلة..
سنجلس أنا وقميصك على سرير واحد، نشرب عصير
الصمت المثلج.
أدسهُ أصابع مرتعشة، أحاديث خلافات بين كينونتين
أخبره عن بخلك كلما دنا للإقتراب، أحكي له حكايا
العطور،
ألوانا تصبغ سحنتي،
على مقربة من الحلم بمسافة شفتين وأكثر، فرشاة
الضوء ترسم جسداً قمحياً بقميص أبيض.
ترسم ساعة رملية يقف عندها رجل وحيد كظلي،
تحيطنا بدائرة عربة موسيقى، سكرة قميص ينتشي يغادرنا..
يركض خلف نوافذ موصدة، يحلق بعيداً..
صار غيمة.
فرشاة الضوء في المشهد مرة أخرى ترسم قاروة عطر
تسقط في الظلام
نثارها يرسم قميصا أحمر..
لغة القميص حروف أبجدية تمتص لبن الجسد، انتشاء
موحي حتى آخر قطاف.
٢
عربة الليل السوداء تجرها خيول الذكرى، تغوص
برمل الساعات.
أقف بين جثث الوقت القاتل
أمشط شعر قنافذ الخوف،
أدرب أجنحة الطيران لدببة الثلج،
أفك جدائل أحجية المجاز
أقلم مخالب الضباع عند غابات الجوع،
أتسكع بين فراغات الأصابع،
أدوزن خيط اللحن السحري في ربابات العمر المنسي.
أرتق قطع الغيم بخيوط طائرة ورق
أمتهن كل هذا...
و..
أفشل بفك أزرار قميص..!
٣
ليلة البارحة لم يكن السواد شيئا مألوفاً..
أشارت صحف الصباح الباردة،
نشرة أخبار السادسة صمتاً،
قميص فضي يسبح في الهواء،
يلتف على أسلاك التيار تسبب
في انقطاعه عن مدن امتهنت الظلام،
عن بلدان عراها الجوع.
شوهد فاتحاً زره العلوي ساربا للهواء
يتسكع بين طرقات لا عيون اليها،
مؤديا لحوادث انكسارات كارثية جمة
فشلت بيانات الصحة في عد ضحاياه
شبكات التواصل،
برامج السناب شات،
آخر المنشورات جميعها تشير
وبفلاتر كونية لفتيات يرتدين شيئا
شبيها لهذا القميص.
تفاقم الأمر..
أوقفت المحاكم أعمالها
حالات طلاق انتشرت بسرعة برق
والأنكى من هذا وذاك..
أصدر مفتي الديار حرمة ارتداء
القمصان الفضية..
المحزن في الأمر أو كما قيل:
شوهد شيخ الجامع مطرقاً
يفرك خرزات مسبحة حباتها أزرار هذا القميص..
...
غراس.
