العلم والفلسفة
حامد حبيب
قال تعالى:((إِنَّ فى
خلْقِ السَّمواتٓ والأرضِ واختلافِ الليلِ والنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِى
الألبابِ)).
____________________(آلَعِمران_١٩٠)__
تلك هى دعوة الإسلام
لأولى الألباب بالتفكُّر....
واكتشاف بديعَ صُنع
الله فى خَلقِه ،فكان فى مُقدِّمة
الأديان ،فى الحَثِّ
على التفكير واستخدام العقل....
لدرجة تجعل من العلم
فريضةً دينية على كل مُسلِم
ومُسلِمة،بقوله(صلى
الله عليه وسلم):"العلمُ فريضةٌ
على كُل مُسلم
ومُسلمة".وقال أيضاً:"الحِكمةُ ضالّةُ
المؤمن أنَّى وجدَها
أخذها".
_والفلسفة تُعَد من أهم
دعائم الحضارة الإنسانية،
لأنها قائمةٌ على هذا
التفكُّر ،بالبحث فى أصول وغايات الكون والطبيعة والإنسان،ومعرفة العِلَل البعيدة
لتكوين فكرة عن العالم والإنسان.
_والحاجة للمعرفة وحُب
استكشاف المجهول حاجة
مُتغَلغلة وطبيعية فى
الإنسان،وجزء لا يتجزأ من كيانه ،ومحاولة التوصُّل لإجابات تُشبِع نهمَه الطبيعى
.وقد قال (ديكارت):"إن الفلسفة وحدها هى التى تُمَيِّزنا عن الأقوام
المُتَوحشين والهمجيين،
وإنما تُقاسُ حضارة
الأُمَم وثقافتها بمقدار شيوع التفلسف الصحيح بها،ولذلك فإنَّ أجلَّ نعمة ينعم
الله
بها على مُجتمع من
المجتمعات،هى أن يمنحه فلاسفة حقيقيين".
_فالروح الفلسفية
تُقَوِّى إحساس الإنسان بمسئوليته
عن مواجهة مشكلاته
وأزماته وصراعاته،وتنفض عن الإنسان حالة الجمود العقلى التى نقبل فيها آراء
لمُجرّد أنها كانت دائماً مقبولة .
_وعن طريق التعوّد فى
فحص الآراء والأفكار التى تصلنا عن طريق الغير،ونقدها،وإعادة بناء آرائنا من
جديد،نتمكّن من أن نُقيم لأنفسنا وجهةَ نظر شاملة
عن الحياة والإنسان
والعالم،ونقى أنفسنا من التخبُّط
والتورُّط فى نظراتٍ
قاصرة.
_والفلسفة تساعد على
تنمية الوعى الدينى الحقيقى
والبرهنة على أنٌَ
الحقائق المُوحَى بها من الله،تتفق
بالفعل مع مبادئ العقل
وتِعبٌِر عنه تعبيراً صحيحاً.
_و"النقد
الفلسفى":يعنى الجهد العقلى والعملى لعدم تقبُّل الأفكار تقبُّلاً أعمى،فى
الثقافة..فى العلاقات الاجتماعية..كما يقترن هذا النقد دائماً بالبناء واقتراح
بدائل وحلول مقنعة للمشكلات الثقافية
والاجتماعية.
_والإسلام أطلق للناس
حرية العقل،وحفَّزه على البحث ليستدلّ ببديع صنع الله على عظمة الخالق..وليتعلَّم
ويبتكر وينتفع بما خلق الله فى السموات والأرض.
_والمتأمِّل فى قضايا
الدين ،يجد أن القرآن الكريم يُنبِّه العقول إلى ثلاث قضايا أساسية تُعَد مجالاً
للتأمُّل العقلى،وهذه القضايا هى:العالم،والإنسان،
والله.
..فالآفاق،تعنى:الكون،أى:العالم_والأنفس،تعنى:
الإنسان،وهو محور هذا الكون،والقضية الثالثة،هى الحق،والحق هو:الله تعالى.
..وهذه القضايا هى نفس
قضايا الفلسفة التى شغلت بها ولاتزال..وهنا يتفق الدين مع الفلسفة فى بحث هذه
القضايا ولكن الدين يعتمد فى التعرُّف على هذه القضايا على الوحى الإلهى،أما
الفلسفة،فإنها تعتمد على العقل.
_فالعقل والدين لايمكن
أن يحدث بينهما صدام أوعداء..وقد قال الفيلسوف الانجليزى (فرنسيس
بيكون):"إن القليل
من الفلسفة قد يؤدى إلى الإلحاد.
..أما التعمِّق فيها
فإنه يؤدى إلى الإيمان".
_فالفهم الصحيح للإسلام
لايمكن أن يؤدى إلى رفض
الفلسفة أويُحرٌِم
التفلسف الذى يعنى استخدام العقل الإنساني.فلم يحدث نزاع أوتنافر أبدأ بين الفلسفة
والدين إلا فى العصور التى شهدت تراجُع الحضارة الإسلامية.
_نحتاج إلى إعادة صياغة
أفكارنا على ضوء التفكير الفلسفى القائم على أُسس راسخة من الدين و العلم والثقافةوالتأمُّل
الهادف لبناء حضارة قوية،فهناك مقولة قديمة تقول:",الفلسفة بنت الدين وأم
العلوم..وهذا يعنى أن الدين هو الأصل.
_إن نهضتنا القوية لن
تتحقًق إلا على أساس من العلم والثقافة والفلسفة فى سياج دينى يضمن نجاح هذه
النهضة،ويحميها من الانهيار.
_هل يتحقق ذلك
؟...نتمنى أن يتحقق.
____تحياتى(حامد حبيب)
١٣-٣-٢٠٢١م__مصر