سأموت صغيرة
رضا أحمد
..
سأموت صغيرة
لن أجهد الرب في تصوري بتجاعيد
أو وضع مشاعل سوداء تحت عيني؛
لقد عشت طويلا برأس دائري
يشبه حجرة الساعة
يرتفع فوق جدار
يستطيل لثلاثين حجرا بما يكفي
لأبصق في وجه العالم
عند الثانية عشرة إلا قليلا.
تعبت في المحافظة على أطرافي
مرنة صالحة للاستعمال
وفي تأمين حصى قلبي كومة متينة
لا يكنسها الخوف
ولا تنسكب دفعة واحدة
في الطريق بين قدمي رجل.
بناية متحركة كنت
دون شبابيك وأجراس لمدخل
أو تجاويف تصلح لصنع بابٍ
تمر منه رائحة تغويني
وأنفاسٌ تنقر فقاقيع رئتي
وتفقدني اتجاهي ناحية الأمس.
بصحة جيدة
على الرصيف أناضل
أنزع عني ملصقات البيع والإيجار
الدعاية الانتخابية
بول الرجال
وشجار أعضاء دار المسنين
في استقطابي لشيخوخة يعدونها مسلوقة
خالية من الملح والتوابل؛
لطالما كرهت رائحتهم المشينة الخائفة
أوقاتهم عسيرة الهضم
وأدمغتهم الصغيرة التي تشبه حدقتي عين طفل
يرى لأول مرة بشاعة العالم.
ولا أريد أن أموت أيضا دون أن أهب أعضائي
سأترك في وصيتي
أنني أتبرع بكل ما أملك لأفران الغاز؛
لا أحب أن تتعذب قرنيتي مثلا
برؤية هذه الوجوه القبيحة مرة أخرى
أو يخفق قلبي بين ضلوع ساذج يبتسم
وتتذوق كليتي هذا الماء العطن
وترتجف بردا دون نبيذٍ أو كحول.
لا أريد أن أعيش ثانية
حسب تعليمات الطبيب
ومشيئة القدر.